للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حين عاتبت المشيب على الصبا (١)

و:

.. لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت (٢)

وأما قوله:

فتى كملت أخلاقه غير أنه جواد (٣)

فيقول القائل: (لكن) فيها مخالفة ما بعدها لما قبلها. فكيف جاز أن تكون بمعنى:

(لكنه جواد). (ولكنه جواد) لا يخالف (كملت خيراته)؟

فالجواب عن ذلك: أنه ذهب إلى معنى: لكن عيبه الجود كما يقول القائل: عيب زيد جوده. على معنى: ليس فيه عيب لأن الجود ليس بعيب. فإذا لم يكن فيه عيب إلا الجود فما فيه عيب. كأنه قال: (كملت خيراته لكن نقصه أو لكن عيبه جوده) فيصير عيبه ونقصه مخالفا لكملت خيراته على ما ذكرناه.

وأما قوله:

وما سجنوني غير أني ابن غالب (٤)

فالظاهر من كلام سيبويه أنه لم يقع به سجن. كأنه قال: (ما أنا بالذي يناله سجن وذل ولكني ابن غالب أي عزيز) لأن من له هذا النسب فهو عند الفرزدق عزيز.

وكان أبو العباس محمد بن يزيد يرد على سيبويه قوله في هذا البيت وينكر تأويله (لكن). لأنه يوجب أن الفرزدق ما سجن.

قال أبو سعيد: الصحيح أنه كان مسجونا محبوسا. وكان الذي سجنه: خالد بن عبد الله القسري، عامل هشام بن عبد الملك، وهذا البيت في قصيدة يمدح فيها هشاما، ويذكر حبسه ويستجير ب (هشام) وأول القصيدة.

ألمّ خيال من عليه بعد ما ... رجا لي أهلي البرء من داء دانف

وقبل البيت الشاهد:


(١) صدر بيت للنابغة الذبياني وعجزه: وقلت ألمّا أصح والشيب وازع.
مغني اللبيب ٢/ ٥١٧.
(٢) صدر بيت لأبي قيس بن الأسلب الأنصاري، وتمامه: حمامة في غصون ذات أو قال مغني اللبيب ١/ ١٥٩، أمالي ابن الشجري ١/ ٤٦.
(٣) صدر بيت سبق تخريجه.
(٤) صدر بيت سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>