للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنّي خشيت على عديّ ... سيوف الجنّ أو إيّاك حار (١)

لأنه لا يقدر على الكاف.

وتقول: إن إياك رأيت كما تقول: إياك رأيت؛ من قبل أنك إذا قلت: إنّ أفضلهم منتصب ب لقيت.

هذا قول الخليل، وهو في هذا غير حسن في الكلام؛ لأنه إنما يريد: إنه إياك لقيت، فترك الهاء، وهذا جائز في الشعر.

وإن قلت: إنّ أفضلهم لقيت فنصب ب إنّ، فهو قبيح، حتى تقول: لقيته، وقد تبين وجه ذلك.

وتقول: عجبت من ضربي إيّاك. فإن قلت: لم؟ وقد تقع الكاف هاهنا وأخواتها، تقول: عجبت من ضربيك ومن ضربيه، ومن ضربيكم؟ فالعرب قد تكلّم بهذا، وليس بالكثير.

ولم تستحكم علامات الإضمار التي لا تقع إيا مواقعها كما استحكمت في الفعل، لا يقال: عجبت من ضربكني إن بدأت به قبل المتكلم، ولا من ضربهيك إن بدأت بالبعيد قبل القريب. فلما قبح هذا عندهم، ولم تستحكم هذه الحروف عندهم في هذا الموضع، صارت إياك عندهم في هذا الموضع بمنزلتها في الموضع الذي لا يقع فيه شيء من هذه الحروف.

ومثل ذلك: كان إياه؛ لأن كانه قليلة، ولم تستحكم هذه الحروف هاهنا، لا تقول:

كانني، وليسني، ولا كانك. فصارت إيّا هنا بمنزلتها في ضربي إياك.

وتقول: أتوني ليس إياك، ولا يكون إياه؛ لأنك لا تقدر على الكاف ولا الهاء هاهنا، فصارت (إيّا) بدلا من الكاف والهاء في هذا الموضع. قال ابن أبي ربيعة.

ليت هذا الليل شهر ... لا نري فيه عريبا

ليس إيّاي وإيا ... ك ولا نخشى رقيبا

مقمرا غيّب عنّا ... من أردنا أن يغيبا (٢)

وبلغني عن العرب الموثوق بهم أنهم يقولون: ليسني، وكذلك كانني.


(١) البيت منسوب لفاختة بنت عدي، الكتاب ٢/ ٣٥٧؛ ولسان العرب (قيد).
(٢) البيت في ديوانه ٤٨٥، والخزانة ٣٢٢؛ ابن يعيش ٣/ ٧٥، ٧٦؛ الكتاب ٢/ ٣٥٨؛ المقتضب ٣/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>