للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأن حسبت بمنزلة كان، إنما يدخلان على المبتدإ والمبنيّ عليه، فيكونان في الاحتياج على حال.

ألا ترى أنك لا تقتصر على الاسم الذي يقع بعدهما كما لا تقتصر عليه مبتدأ؟

فالمنصوبان بعد حسبت بمنزلة المرفوع والمنصوب بعد ليس وكان. وكذلك الحروف التي بمنزلة حسبت وكان؛ لأنهما إنما تجعلان المبتدأ والمبنيّ عليه فيما مضى يقينا أو شكّا، وليسا بفعل أحدثته منك إلى غيرك ك " ضربت "، وأعطيت، إنما تجعل الأمر في علمك أو فيما مضى ".

قال أبو سعيد: المفعول الأول يلزم اتصال ضميره بالفعل؛ لأنه يلاصق الفعل ويليه، وإن كان ضمير الفاعل في الفعل لا يتغير لزوم اتصال ضمير المفعول الأول به؛ لأن الفعل مع ضمير الفاعل كالفعل المجرد، لأن ضمير الفاعل قد يكون بغير علامة، وقد يغيّر بنية الفعل ضمير الفاعل فتصير كحرف من حروفه وذلك قولك: ضربتني وضربتك، وإن زيدا ضربني. فإذا جئت بعد اتصال ضمير المفعول الأول بضمير مفعول ثان جاز اتصاله- على ما شرط سيبويه- وجاز انفصاله، فأما اتصاله فلقوة الفعل وأنه الأصل في اتصال ضمائر المنصوبات به، ولمّا كان الفعل عاملا في المفعولين النصب ظاهرين، وفي موضعهما مضمرين، وعمله فيهما لا يغير لفظ كل واحد منهما مفردا ولا معناه ولا ترتيبه، وكان المتّصل أخصر لفظا وأقلّ حروفا اختاروه، وذلك قولك: أعطانيه وأعطانيك.

وشرط سيبويه فيه أن يكون المفعول الأول المبدوء بلفظه هو أقرب من الثاني، وترتيب ذلك أنّ المتكلم هو الأقرب، ثم المخاطب، والغائب هو الأبعد.

والذي ظهر في كلام سيبويه أنّه ما خيّر المتكلم بين اتصال المفعول الثاني وبين انفصاله، ولكنه قسّم ضميري المفعولين إذا اجتمعا قسمين:

أحدهما: يجب في الاتصال بغير تخيير، والآخر: يجب فيه الانفصال من غير تخيير.

فأما الذي يجب فيه الاتصال فهو أن يكون المفعول الأول أقرب من الثاني مثل:

أعطانيك زيد، وأعطانيه، وأعطاكه.

وأمّا الذي يجب فيه الانفصال فهو أن يكون المفعول الأول أبعد في الترتيب من الثاني كقولك: أعطاهوك وأعطاهاك وأعطاهوني وأعطاهاني وأعطاكني، لا يجوز شيء من هذا عند سيبويه إلا بالانفصال نحو: أعطاه إيّاك وأعطاها إيّاك وأعطاه إيّاي وأعطاها إيّاي

<<  <  ج: ص:  >  >>