للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنزل منزلة آخر الفعل فليس من الفعل ولا من تمامه، وهما حرفان يستغنى كلّ واحد منهما بصاحبه كالمبتدإ والمبنيّ عليه، وهذا يكون من تمام الاسم، وهو بدل من الزيادة التي في الاسم، وحال الاسم إذا أضيفت إليه مثل حاله مفردا، لا يستغنى به، ولكنهم يقولون: مررت بكم أجمعين؛ لأنّ أجمعين لا تكون إلا وصفا، ومررت بهم كلّهم؛ لأنّ أحد وجهيها مثل أجمعين.

وتقول أيضا: مررت بك نفسك؛ لمّا أجزت فيها ما يجوز في فعلتم مما يكون معطوفا على الأسماء احتملت هذا؛ إذ كانت لا تغيّر علامة الإضمار هاهنا ما عمل فيها، فضارعت هاهنا ما ينتصب، فجاز هذا فيها، وأمّا في الإشراك فلا يجوز؛ لأنه لا يحسن في فعلت وفعلتم إلا ب (أنت وأنتم)، وهذا قول الخليل.

وجاز: قمت أنت وزيد، ولم يجز: مررت بك أنت وزيد؛ لأنّ الفعل يستغنى بالفاعل، والمضاف لا يستغنى

بالمضاف إليه؛ لأنه بمنزلة التنوين، وقد يجوز في الشعر. قال الشاعر:

آبك أيّه بي أو مصدّر ... من حمر الجلّة جأب حشور (١)

هذان البيتان من الرّجز لم يقرأهما أبو عثمان ولا غيره من أصحابنا، وهما في الكتاب.

وقال الآخر:

فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيّام من عجب " (٢)

قال أبو سعيد: أما شركة الظاهر للمضمر المنصوب، وهي عطف الظاهر المنصوب على المضمر المنصوب فهي جائزة مستحسنة ليس بين النحويين في ذلك خلاف، أكّد المضمر أو لم يؤكد، وليس فها علّة تمنع ذلك.

وأمّا عطف الظاهر المرفوع على المضمر المرفوع المتّصل بالفعل فيستقبح عند البصريين؛ إلا أن يؤكّد المضمر، أو يدخل بين المضمر وبين المعطوف عليه كلام يكون عوضا من التوكيد. فالمستقبح منه نحو قولك: قمت وزيد، وأفعل وعبد الله، وإن الزيدين قاما وأخوك. وإنما قبح ذلك لأنّ ضمير الفاعل قد يكون في الفعل بغير علامة كقولك:


(١) البيت بلا نسبة في الكتاب ٢/ ٣٨٢؛ ولسان العرب وتاج العروس (أوب).
(٢) البيت لم يعرف قائله، الخزانة ٥/ ١٢٣، ١٢٦؛ ابن يعيش ٣/ ٧٨؛ الكتاب ٢/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>