للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدا، وهو أحد موانع الصرف. وسواء قدرته في هذا الوجه مذكرا أم مؤنثا تجعله كاسم لا ينصرف، وتقول: " جاءني معدي كرب " و " رأيت معدي كرب " و " مررت بمعدي كرب ".

وأما من قال: " هذا معدي كرب "، فإنه جعل: " معدي " مضافا إلى " كرب " وجعل كربا اسما مذكرا.

فإن قال قائل: فإن كان الأمر على ما ذكرت، فهلا قالوا: " رأيت معدي كرب "، كما تقول: " رأيت قاضي واسط "؟

قيل له: " معدي كرب " لا يشبه: " قاضي واسط " من قبل أن الياء في " معدي " قد كانت ساكنة في الموضع الذي يجب فتح الحرف الصحيح فيه، وذلك إذا جعلته مع " كرب " بمنزلة اسم واحد، ألا ترى أنك تقول: " هذا حضرموت " و " بعل بك "، فيفتح آخر الاسم الأول في الصحيح، ويسكن الياء في " معدي "، فكما وجب تسكين هذه الياء في الموضع الذي ينفتح فيه غيرها من الصحيح، وإن كان فتحها بناء، أسكن في الموضع الذي يكون فتحها إعرابا؛ لأنه قد لزمها السكون في موضع الفتح.

ووجه ثان يؤيد هذا المعنى، وهو قولهم: " أرض وأرضون ". ويقال " أرضون " بتسكين الراء، وفتحها أكثر وأجود. وإنما فتحت هذه الراء في الجمع، وإن كانت في الواحد مسكنة من قبل أنهم يقولون: " أرض وأرضات "، كما يقولون: " دعد ودعدات وتمرة وتمرات " فلما كانت " أرضات " جمعا سالما قد لزمت فيه فتحة الراء التي كانت مسكنة في الواحد على علة " تمرات " و " دعدات "، فتحوها في: " أرضون "، ليعلموا أن لها حالا تنفتح فيها في جمع سالم مثل: أرضات.

ومن قال: " معدي كرب " على كل حال، فإنه على وجهين:

أحدهما: أن يكون بجعلهما اسما واحدا، فيكون مثل: " خمسة عشر " و " حضرموت " فكأنهما كانا مبنيين على الفتح قبل التسمية ثم حكى في التسمية.

والثاني: أن يجعل " معدي " مضافا إلى " كرب " ويجعل كربا اسما مؤنثا فلا ينصرف ويكون في موضع مخفوض.

وأما " قالي قلا " فإنك تجعله غير منون على كل حال إلا أن يجعل: " قالي " مضافا إلى " قلا " ويجعل " قلا " اسم موضع مذكر فتنونه، فتقول على هذا " قالي قلا " فاعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>