للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلين قلت: أيّين؟ فإن قال: رأيت رجالا، قلت: أيّين؟ فإن ألحقت يا فتى فهي على حالها قبل أن تلحق يا فتى.

وإذا قلت: رأيت امرأة قلت: أيّة يا فتى؟ فإن قال: رأيت امرأتين قلت: أيّتين يا فتى؟ فإن قال: رأيت نسوة قلت: أيّات يا فتى.

فإن تكلّم بجميع ما ذكرنا مجرورا جررت أيّا، وإن تكلم به مرفوعا رفعت أيّا؛ لأنك إنّما تستفهم على ما وضع المتكلم عليه كلامه.

قلت: فإذا قال: رأيت عبد الله، أو مررت بعبد الله، قال: فإنّ الكلام أن تقول من عبد الله؟ وأيّ عبد الله؟ كما أنّه لا يجوز إذا قال: رأيت عبد الله أن تقول: منا).

قال أبو سعيد: كان الأصل إذا قال القائل: رأيت رجلا أن يقول السائل: أيّ الرجل؛ لأنّ النكرة إذا أعيدت عرّفت بالألف واللام أو أضمرت؛ يقول لك الرجل:

سألت رجلا في دارك عن كذا وكذا، فتقول له: فما أجابك الرجل؟ ولا تقول: فما أجابك رجل، فعدل عن هذا تخفيفا إلى أن يؤتى بأيّ مفردا، وأعرب بإعراب الاسم المذكور ليعلم أنّ القصد إليه دون غيره، ولو قيل أيّ الرجل جاز أن يتوهّم المسؤول أنه يسأل عن رجل بينك وبينه عهد سوى ما ذكره في الوقت، وأيّا هذا المنصوب في موضع خبر ابتداء، والابتداء بعده محذوف، أو في موضع ابتداء وخبره بعده محذوف، وتقديره:

أيّا ما ذكرت، وأيّا الرجل، ونحو ذلك، ويجيزون الرفع على هذا فيقولون: أيّ في الوقف والوصل.

قال أبو العباس المبرّد: لأنك لو ذكرت الخبر وأظهرته لم تكن أيّ إلا مرفوعة نحو قولك: من ذكرت؟ وأيّ هؤلاء؟ وإنّما نصب أيّا على الحكاية، وإن كان في موضع رفع، كما قيل: من زيدا؟ وإن كان زيدا في موضع رفع، ولو

أفردت أيّا للاثنين والجماعة، أو ذكّرته في المؤنث لجاز؛ لو قلت: رأيت امرأة، أو رأيت رجلين، أو رأيت رجالا، أو رأيت امرأتين، أو نسوة، لجاز أن تقول في جميع ذلك: أيّا؛ لأنّ لفظ أيّ يجوز أن يقع على لفظ الاثنين والجماعة على لفظ الواحد، ويقع للمؤنّث على لفظ المذكّر، وإنّما فصلوا بين المعرفة والنكرة في المسألة فاكتفوا في النكرة بذكر اسم واحد، ولم يكتفوا في المعرفة إلا بذكر الاسم والخبر؛ لأنّ المسألة عنهما على وجهين مختلفين، ففرّقوا بينهما لذلك.

فأما المسألة عن النكرة فإنّما هي عن ذاتها لا عن صفتها، فإذا قال القائل: رأيت

<<  <  ج: ص:  >  >>