للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ولم صار معرفة و " أيدي " المضاف إليه نكرة؟

قيل له: إذا رتبنا الكلام على ما ذكرناه، فأيدي هي مضافة إلى " مثل " ومثل منكور وإن كان مضافا إلى " سبأ "، كما

تقول: " لا عبد الله الليلة " فتعمل (لا) في (عبد الله) وإن كان معرفة؛ لأن تقدير عملها في " مثل " ونقل ذلك إلى " عبد الله ".

و" سبأ " مهموز في الأصل، وترك همزه في: " أيادي سبأ " لكثرته، وطوله، كما قيل:

" منساة "، وهي من: " نسأته ".

فأما " ثماني عشرة " فقد ذكرناها فيما تقدم.

وأما " بادي بدا "، ويقال: " بادي بديء " فمعناه أول كل شيء، وهو مأخوذ من الابتداء. وكان الأصل فيه: " بادي بداء " أو " بادي بديء "، غير أنهم خففوا الهمزة فيه، قلبوها ياء، وسكنوها كما سكنوا ياء " معدي كرب ". قال الشاعر:

وقد علتني ذرأة بادي بدي ... ورثية تنهض في تشدّدي (١)

و" بادي بدي " منكور بمنزلة: " خمسة عشر " لأنه حال، كأنه قال: وقد علتني مبتدئا، يعني أول كل شيء. وقد قيل: " بادي بدي " أي ظاهرا، من قولك: بدا يبدو.

والأول أجود.

فإن قال قائل: ولم وجب إسكان هذه الياءات من أواخر الأسماء الأولى؟

قيل له: من قبل أن الاسمين إذا جعلا اسما واحدا، وكان الأول منهما صحيح الآخر بنيا على الفتح، والفتح أخف الحركات، وقد علمنا أن الياء المكسور ما قبلها أثقل من الحروف الصحيحة، وأعطيت أخف مما أعطى الحرف الصحيح، وليس أخف من الفتحة إلا السكون، فاعرفه إن شاء الله.

ومن ذلك قولهم: " وقع الناس في حيص بيص "، إذا وقعوا في اختلاط وهذا الكثير المعروف. قال الهذلي:

قد كنت خرّاجا ولوجا صيرفا ... لم تلتحصني حيص بيص لحاص (٢)

وقيل: " حيص بيص " وقيل: " حيص بيص " وقد يكسر هذا فيقال: " حيص بيص ".


(١) الرجز لأبي نخيلة السعدي في خزانة الأدب ١/ ٧٩، ولسان العرب (نهض).
(٢) البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي في ديوان والهذليين ٢/ ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>