للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا قول الخليل فزعم أنّها: لا أن ولكنّهم حذفوا لكثرته في كلامهم، كما قالوا:

ويلمّه، وكما قالوا: يومئذ، وجعلت بمنزلة حرف واحد، كما جعلوا هلا بمنزلة حرف واحد، وإنّما هي هل ولا.

وأما غيره فزعم أنه ليس في لن زيادة، وليست من كلمتين، ولكنّها بمنزلة شيء على حرفين ليست فيه زيادة، وأنّها في حروف النصب بمنزلة لم في حروف الجزم، في أنه ليس واحد من الحرفين زائدا. ولو كانت على ما يقول الخليل لما قلت:

أمّا زيدا فلن أضرب؛ لأنّ هذا اسم والفعل صلة، فكأنه قال: أمّا زيدا فلا الضّرب له ".

قال أبو سعيد: قد تقدّم في أوّل الكتاب ذكر المضارعة التي استحقّ بها الفعل الذي في أوّله الزوائد الأربع الإعراب، وهي المشابهة بين هذا الفعل وبين الاسم، وقد ذكرت هناك بما أغنى عن إعادته هنا.

وذكر أهل الكوفة في استحقاق الفعل الإعراب قولين ضعيفين منتقضين لا نظام لهما.

أحدهما: أنّ الأفعال أعربت لما دخلت عليها المعاني المختلفة، ووقعت على الأوقات الطويلة، وهذا فاسد؛ لأنّ

الحروف قد تدخل عليها المعاني المختلفة ولا يوجب ذلك لها إعرابا، كقولنا: ألا فهي تصلح للاستفهام والعرض والتّمني، ولمّا تصلح للزّمان كقولك: لمّا جاء زيد أكرمته، وتكون في نحو معنى لم جازمة، ومن: تصلح للتبعيض، ولابتداء الغاية وغير ذلك مما يطول ذكره.

وأمّا طول الزمان فإنّ الفعل المعرب أقصر زمانا من المبني؛ لأنّ الفعل المعرب ما كان في أوله الزوائد الأربع، وهي تصلح للحال والاستقبال، فأمّا فعل الحال فلا امتداد له؛ لأنه لزمان واحد، والزمان الذي يليه يصيّره ماضيا، والفعل الماضي أطول منه ومن المستقبل؛ لأنّ الفعل الماضي أبدا ماض، ولا يصير مستقبلا، والمستقبل يصير ماضيا، ويبطل عنه الاستقبال، فإذا كان الفعل الأطول زمانا مبنيا كيف يكون طول الزمان سببا لإعرابه؟

والقول الآخر: إنّ الفعل وقع بين الأداة والاسم فأشبه من الأداة أنه لا يلزم المعنى في كلّ الحالات، وأشبه ليت التي تقع للتمني فإذا زال التمني زالت، وكذلك ما يشبه ليت من الأدوات.

قال: وأشبه من الاسم وقوعه على دائم الفعل الذي قدّمنا ذكره، وأعطي بحصّة

<<  <  ج: ص:  >  >>