للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقول: ألا ماء فأشربه، وليته عندنا فيحدّثنا، وقال أمية بن أبي الصلت:

ألا رسول لنا منّا فيخبرنا ... ما بعد غايتنا من رأس مجرانا (١)

لا يكون في هذا إلا النصب لأن الفعل لم تضمه إلى فعل.

وتقول: ألا تقع إلى الماء فتسبح، إذا جعلت الآخر على الأول، كأنك قلت: ألا تسبح؛ وإن شئت نصبته على ما انتصب عليه ما قبله، كأنك قلت: ألا يكون وقوع فأن تسبح. فهذا تمثيل وإن لم يتكلم به. والمعنى في النصب أنه يقول: إذا وقعت سبحت.

وتقول: ألم تأتنا فتحدثنا، إذا لم يكن على الأول؛ وإن كان على الأول جزمت، ومثل النصب قوله:

ألم تسأل فتخبرك الرّسوم ... على مرتاج والطّلل القديم (٢)

وإن شئت جزمت على أول الكلام.

وتقول: لا تمددها فتشقّها، إذا لم تحمل الآخر على الأول، وقال الله:

- عز وجل-: قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ (٣) وتقول: لا تمددها فتشقها. إذا شركت بين الآخر والأول كما شاركت بين الفعلين في (لم).

وتقول: ائتني فأحدثك، وقال أبو النجم:

يا ناق سيري عنقّا فسيحا ... إلى سليمان فنستريحا (٤)

ولا سبيل هاهنا إلى الجزم، قبل أن هذه الأفعال التي يدخلها الرفع والنصب والجزم وهي الأفعال المضارعة، لا تكون في موضع (افعل) أبدا، لأنها إنما تنتصب وتنجزم بما قبلها، و (افعل) مبنية على الوقف.

فإن أردت أن تجعل هذه الأفعال أمرا أدخلت (اللام) وذلك قولك: ائته فليحدثك، وفيحدثك إذا أردت المجازاة؛ ولو جاز الجزم في:

ائتني فأحدثك ونحوها لقلت: تحدثني، تريد الأمر.


(١) البيت في ديوانه ٦٤؛ الخزانة ١/ ٢٨٤؛ الكتاب ٣/ ٣٣.
(٢) البيت منسوب للبرج بن مسهر الطائي؛ الكتاب ٣/ ١٢؛ لسان العرب ٢/ ٣٤٤.
(٣) سورة طه، الآية: ٦١.
(٤) البيت في ديوانه؛ ابن يعيش ٧/ ٢٦؛ الكتاب ٣/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>