للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجحد، وإذا استثنينا صار الجحد إيجابا، فلذلك لم يجز الاستثناء منه؛ و (لا تنفك) بمعنى:

لا تزال.

قال أبو سعيد: ولقول ذي الرمة وجهان صحيحان:

أحدهما: أن يكون (تنفك) بغير معنى: تزال، ويكون بمعنى: انفك الشيء من الشيء إذا انفصل منه، كما يقال: فككت الغلّ عنه فانفك، وفككت زيدا مما وقع فيه فانفك منه.

ويجوز دخول الاستثناء في هذا الوجه، تقول: ما انفك زيد إلا بعد شدّة، فيكون التقدير: لا ينفك من الشدة والسير إلا مناخة على الخسف؛ كما تقول:

ما انفصل زيد من الموضع إلا مجهودا.

والوجه الثاني: أن يكون (على الخسف) خبر (تنفك)، و (إلا مناخة) استثناء مقدم.

فكأنا قلنا: لا تنفك مجهودة، كما تقول: لا تزال مجهودة إلا في حال إناختها، فإنها تستريح إذا أنيخت.

وقوله:

أو نرمى بها بلدا قفرا (١)

فيه وجهان:

الأول: أن يكون معطوفا على خبر (تنفك) وهو (على الخسف)، كأنك قلت: لا تزال على الخسف، ولا نزال نرمي بها

بلدا قفرا؛ ويجوز أن يكون على الابتداء، أو نحن نرمي بها بلدا قفرا.

ويجوز الرفع في:

كسرت كعوبها أو تستقيما (٢)

فيقال: أو تستقيم، في غير هذه القصيدة، لأن (كسرت) في موضع رفع لأنه جواب (إذا)، وجوابها بالفعل المستقبل رفع.

وأما قول الله- تبارك وتعالى-: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا (٣). فقوله (يرسل) لا يجوز أن يكون معطوفا على


(١) عجز بيت سبق تخريجه.
(٢) عجز بيت سبق تخريجه.
(٣) سورة الشورى، الآية: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>