للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد، والجمع يقع فيه مكسر وسالم، والمكسر لا علامة فيه من هذه العلامات، نحو:

" ثياب " و " مساجد " و " أفلس " و " أكلب "، فلما كانت التثنية أكثر اختاروا لها حركة خفيفة.

ووجه رابع، وهو: أنهم لما احتاجوا إلى تحريك ما قبل حرف التثنية لسكونه حركوه بأخف الحركات إذ كان ذلك يوصلهم إلى ذلك ولم يتكلفوا أثقل منها لاستغنائهم عنه، ثم غيروا في الجمع الحركات التي قبل هذه الحروف، لئلا يقع لبس، غير أنهم لما فعلوا ذلك وقع الفرق بين التثنية والجمع في المرفوع والمجرور؛ لأن ما قبل الياء والواو في التثنية مفتوح، وفي الجمع على غير ذلك، وما قبل الألف في التثنية والجمع مفتوح فالتبس تثنية المنصوب بجمعه، فأسقطوا علامة النصب لما ذكرنا من اللبس، فبقي النصب بلا علامة، فلم يكن بد من إلحاقه بأحدهما، إما بالرفع وإما بالجر.

وكان إلحاقه بالجر أولى من أربعة أوجه:

أولها: أن الجر يختص به الاسم، ولا يكون إلا فيه والرفع يكون فيه وفي الفعل، وما لزم شيئا واحدا واختص به فهو أقوى فيه، فلما قوي الجر في الاسم للزومه له، كان إلحاق النصب به أولى في المعنى الذي لا يكون إلا في الاسم وهو التثنية.

والوجه الثاني: أن المنصوب والمجرور يستويان في الكتابة، ويخالفهما المرفوع، وذلك قولك: " هذا غلامك " و " ضربتك "، فالكاف في: " غلامك " موضعها جر، وفي:

" ضربتك " موضعها نصب، وصيغتهما واحدة.

والوجه الثالث: أن المنصوب والمخفوض جميعا مشتركان في وصول الفعل إليهما ووقوعه عليهما، غير أن وقوعه على المنصوب بلا واسطة، وعلى المجرور بواسطة، وذلك قولك: " تعلقتك " و " تعلقت بك " و " نصحتك " و " نصحت لك " و " جئتك " و " جئت إليك "، فالفعل يكون مرة واصلا بحرف ومرة بغير حرف، والمعنى واحد، فلما اشتركا في معنى الكلام دون المرفوع، اشتركا في اللفظ دونه.

والوجه الرابع: وهو أنا لما احتجنا إلى إلحاق المنصوب بالمرفوع أو المجرور لزوال حروفه على ما تقدم من بيان

ذلك، وكانت الياء التي هي علامة المجرور أخف من الواو التي هي علامة المرفوع، كان إلحاقه بالأخف أولى إذ لا علة تضطر إلى الإلحاق بالأثقل، فتبقى علامة التثنية " مسلمون " للمرفوع بفتحة الميم، و " مسلمون " في الجمع المرفوع بضمة الميم، و " مسلمين " و " مسلمين " المجرور والمنصوب. فأزالوا الواو من التثنية، وجعلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>