للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن غيره أيضا: إن أتيتنا أمس نعطك اليوم، أي إن كنت آتيتنا أمس أعطيناك اليوم، هذا معناه، فإن كنت تريد أن تقدره بأنه قد فعل فإن الجزاء لا يكون، لأن الجزاء إنما يكون في غير الواجب ومما جاء منجزما بالاستفهام قول رجل من بني تغلب.

ألا تنتهي عنّا ملوك وتتقي ... محارمنا لا يبؤ الدم بالدم (١)

وقال الراجز:

متى أنام لا يؤرّقني الكرى (٢)

كأنه قال: إن يكن منّى نوم في غير هذه الحال لا يؤرقني الكرى، كأنه لم يعدّ نومه في هذه الحال نوما.

وقد سمعت من العرب من يشمّه الرفع، كأنه قال: متى أنام غير مؤرق، وتقول:

ائتني آتك، فتجزم على ما وصفناه، وإن شئت رفعت على أن لا تجعله معلقا بالأول، ولكن تبتدئه، وتجعل الأول مستغنيا عنه، كأنه يقول: ائتني أنا آتيك، ومثل ذلك قول الشاعر وهو الأخطل:

وقال رائدهم أرسوا نزاولها ... فكلّ حتف امرئ يمضي لمقدار (٣)

وقال الأنصاري:

يا مال والحقّ عنده فقفوا ... تؤتون فيه الوفاء معترفا (٤)

وفي نسخة أبي بكر مبرمان مصلح (معترفا)، كأنه قال:

إنكم تؤتون الوفاء معترفا، وقال معروف:

كونوا كمن آسى أخاه بنفسه ... نعيش جميعا أو نموت كلانا (٥)

كأنه قال: كونوا هكذا: إنا نعيش جميعا أو نموت كلانا إن كان هذا أمرنا.

وزعم الخليل: أنه يجوز أن يكون نعيش محمولا على كونوا، كأنه قال: كونوا نعيش جميعا أو نموت كلا وتقول: لا تدن منه يسكن خيرا لك. فإن قلت: لا تدن من الأسد يأكلك، فهو قبيح إن جزمت، وليس وجه كلام الناس لأنك لا تريد أن تجعل


(١) البيت ورد منسوبا لجابر بن حنيّ، في الكتاب ٣/ ٩٥؛ لسان العرب (بدأ).
(٢) البيت في ديوانه، الكتاب ٣/ ٩٥.
(٣) البيت في ديوانه، الخزانة ٩/ ٨٧؛ الكتاب ٣/ ٩٦.
(٤) البيت في ديوانه، الكتاب ٣/ ٩٦.
(٥) البيت في ديوانه، الكتاب ٣/ ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>