للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياس قوله- تبارك وتعالى-: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل: ٥٣] وما ذكره الخليل من حذف الجواب في قول الله- عز وجل- حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها (١)، وقوله- تبارك وتعالى-: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (٢) وقد اجتمع النحويون، وجاء التفسير في بعض ما في القرآن من نحو ذلك أنه محذوف الجواب، واختلفوا في بعض. فمما أجمعوا على حذف جوابه قول الله- تبارك وتعالى-: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ [البقرة:

١٦٥] ومنه قوله- تبارك وتعالى-: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى (٣) فلم يأت لإن استطعت بجواب، وجوابه فيما ذكروه: فافعل، ومنه قوله- عز وجل-: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً (٤) فلم يأت بجواب (لو) وجوابها فيما يقدر: لكان ذلك يفعل بهذا القرآن، ومما اختلفوا فيه قوله- عز وجل-: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها (٥) أي جاءوها وقد فتحت أبوابها، أي:

وهذه حالها، وحذفوا جاءوها الثانية لتكرير اللفظ، وأنه غير مشكل، وتقدير الأخرى فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (٦) بمعنى: استسلما وتله صرعه سعد بإتباع أمر الله، وبشره الله- عز وجل- بنبوة ولده، ونحو ذلك مما يليق بقصته؛ والفراء يجعل الواو زائدة، ويقدر ((حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها)) والواو زائدة في الأخرى ((وتله للجبين ناديناه))، والواو فيه زائدة، واستشهد في زيادة الواو بقوله:

حتى إذا قملت بطونكم ... ورأيتم أبناءكم شبّوا

وقلبتم ظهر المجنّ لنا ... إنّ اللّئيم العاجز الخبّ (٧)

أراد قلبتم والواو زائدة:

قال أبو سعيد: وليست له في هذا حجة لأنه موافق للبصريين في حذف الجواب في المواضع التي ذكرناها، وذكروها في كتاب (المعاني) أن الحذف كثير في القرآن وكلام العرب، وإذا كان كذلك جاز أن يكون ما فيه الواو وقد انحذف جوابه كأنه قال: وقلبتم


(١) سورة الزمر، الآية: ٧٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٦٥.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ٣٥.
(٤) سورة الرعد، الآية: ٣١.
(٥) سورة الزمر، الآية: ٧٣.
(٦) سورة الصافات، الآية: ١٠٣.
(٧) البيتان منسوبان للأسود بن يعفر في ديوانه ١٩، الخزانة ٥/ ٤٨٩؛ ابن يعيش ١/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>