للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: كما أنه لا يعلم ذلك فتجاوز الله عنه. وهذا حق كما أنك ذاهب. فزعم أن العاملة في " أن " الكاف. و " ما " لغو إلا أن " ما " لا تحذف هاهنا كراهية أن يجئ لفظها مثل لفظ " كان " كما ألزموا " النون " لأفعلن و " اللام " قولهم: إن كان ليفعل " كراهية أن يلتبس اللفظان. ويدلك على أن " الكاف " هي العاملة قولهم: هذا حق مثل ما أنك هاهنا. وبعض العرب يرفع فيما حدثنا يونس ورغم أنهم يقولون إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (١). فلولا أن " ما " لغو لم يرتفع مثل وإن نصبت " مثل " فما أيضا لغو، لأنك تقول: مثل أنك هاهنا. وإن جاءت " ما " مسقطة من " الكاف " في الشعر جاز كما قال النابغة الجعدي:

قروما تسامى عند باب دفاعه ... كأن يؤخذ المرء الكريم فيقتلا (٢)

ف " ما " لا تحذف هاهنا في الكلام كما لا تحذف في الكلام من " أما " في قولك:

فأن جزعا وإن إجمال صبره (٣)

قال أبو سعيد: إذا قلت: أحقا أنك ذاهب وأكثر ظنك وجهد رأيك ففيه الرفع والنصب فالرفع على الابتداء والخبر فإذا قلت: أحقا أنك ذاهب فتقديره " أحق ذهابك " وأكثر ظني ذهابك " وجهد رأيى ذهابك " والنصب على تقدم هذه الأشياء ظروفا. وقال:

" رفع أنك " بالابتداء وذلك أنك إذا قدمت هذه الأشياء ونصبتها فلا وجه لنصبها غير الظروف. ورفع " أنّ " ويكون التقدير فيها: (أفي زمن حق أنك ذاهب) ثم حذف " زمن " كما قيل: سير عليه مقدم الحاج يريد: زمن مقدم الحاج أو وقت مقدم الحاج، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. وقد تبين من كلام العرب أنها في مذهب الظرف:

بدخول " في " عليها.


(١) سورة الذاريات، الآية: ٢٣.
(٢) ديوان النابغة الجعدي: ١٣١. والبيت من بحر الطويل.
(٣) عجز بيت لدريد بن الصمة صدره:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها
الخزانة: ٤/ ٤٤٤، الكتاب: ١/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>