للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" عبد الله " لا يكون هاهنا إلا مبتدأ. ولو جاز: أشهد أنك لذاهب لقلت أشهد بذلك.

فهذه اللام لا تكون إلا في الابتداء وتكون " أشهد " بمنزلة " الله " ونظير ذلك قول الله عز وجل: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١)، وقال عز وجل: فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٢)؛ لأن هذه توكيد. كأنه قال:

يحلف بالله أنه لمن الصادقين.

وقال الخليل: أشهد بأنك لذاهب غير واجب؛ لأن حرف الجر لا يعلق وقال:

أقول: (أشهد إنه لذاهب وإنه منطلق " اتبع آخره أوله. وإذا قلت: أشهد أنه ذاهب وأنه منطلق لم يجز إلا الكسر في الثاني لأن اللام لا تدخل أبدا على (أنّ) و (أن) محمولة على ما قبلها ولا تكون إلا مبتدأة باللام، ومن ذلك أيضا قد علمت أنك لخير منه " فأن " هاهنا مبتدأة. " وقد علمت " هاهنا بمنزلتها في قولك: " لقد علمت أيّهم أفضل " فعلقه في الموضعين جميعا. وهذه اللام تصرف " أن " للابتداء كما تصرف " عبد الله " للابتداء. في قولك: " لعبد الله خير ومنك " ف (عبد الله) هاهنا بمنزلة " أن " في أنه يصرف إلى الابتداء ولو قلت: قد علمت أنه لخير منك. لقلت: قد علمت لزيدا خيرا منك ورأيت لعبد الله هو الكريم فهذه " اللام " لا تكون مع " إنّ " ولا مع عبد الله. ألا وهما مبتدآن. نظير ذلك قول الله عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٣) فهو هاهنا مبتدأ. ونظير " أن " مكسورة إذا لحقتها اللام قوله عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (٤)، وقال عز وجل: هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا

مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٥)، فإنكم هاهنا بمنزلة " أيّهم " إذا قلت: ينبئهم أيهم أفضل.

وقال الخليل مثله: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ (٦)، " فما "


(١) سورة المنافقون، الآية: ١.
(٢) سورة النور، الآية: ٦.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٠٢.
(٤) سورة الصافات، الآية: ١٥٨.
(٥) سورة سبأ، الآية: ٧.
(٦) سورة العنكبوت، الآية: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>