للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشاك: لعل زيدا يأكل. وإنما جاز دخول " أن " فيها لأنها شاركت " عسى ".

قال الشاعر:

لعلّك يوما أن تلم ملمه ... عليك من اللائي يدعنك أجدعا (١)

وكرب يفعل مثل: " كاد يفعل " ومثله مما يكون للفعل مخلصا من الحروف:

" أخذ يفعل " و " جعل يفعل " ذهبوا بهذه الأفعال مذهب اسم الفاعل ولم يذهبوا بها مذهب المصادر لأن قولك أخذ زيد يفعل. وجعل يفعل هو داخل في الفعل. فصار بمنزلة " زيد يفعل " إذا كان في حال فعل. وهذا معناه. وقوله:

أخذ وجعل تحقيقا لدخوله فيه. ولا يجوز فيها " أن " وكرب لا يمنع معناه من دخول " أن " لأن معناه:

قرب أن يفعل. لأنك تقول قربان وكربان. إذا قرب من الابتلاء. ولم أسمع فيه " بأن " وإن كان معناه يحتملها.

ويوشك معناه: " يسرع " وهو ضد " يبطئ " ومعنى " أن " فيها صحيحة؛ لأنه بمنزلة " يقرب " و " يبطئ " بمنزلة " يبعد " والذي يقول: يوشك زيد يخرج.

بمنزلة (زيد يخرج) وقول سيبويه عند ذكره " كرب " وكاد لما ذكرناه في الكراسة التي تليها. يعني ما ذكره في هذا باب دخول الرفع بعد ابتداء إعراب الأفعال بيسير.

وأما قولهم: أريد لأفعل. وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (٢) ففيها وجهان:

أحدهما: وهو الأغلب على تأويل أصحابنا: أن الإرادة وقعت على أمر آخر غير مذكور وأن قوله " لأن أفعل " و " لأن أكون أول المسلمين ". بمنزلة المفعول. فكأنه قال: أريد لأن تفعل أنت ما تفعله. وكذلك: أمرت به لأن أكون أول المسلمين.

والوجه الثاني: أن تكون اللام توكيدا. أدخلت على المفعول. كما قال الله عز وجل: لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (٣) ولِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (٤) وعَسى أَنْ يَكُونَ


(١) هو ابن نويرة (اليربوعي) والبيت من قصيدة يرثي بها أخاه الذي قتل في حرب الردة على يد خالد بن الوليد. الخزانة: ٢/ ٤٣٣، المقتضب: ٣/ ٧٤، ابن يعيش: ٨/ ٨٦.
(٢) سورة الزمر، الآية: ١٢.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٥٤.
(٤) سورة يوسف، الآية: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>