للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن سيقومون " وأنما جاز: " قد علمت أن عمرو ذاهب " لأنك قد جئت بعده باسم وخبر كما يكون بعده لو ثقلته وأعملته فلما جئت بالفعل بعد " أن " جئت بشيء كان سيمتنع بعده لو ثقلته فكرهوا أن يجمعوا عليه الحذف وجواز ما لم يكن يجوز بعده مثقلا فجعلوا هذه الحروف عوضا.

قال أبو سعيد: أفعال العلم واليقين والمعرفة وما جرى مجراها من أفعال التحقيق تختص به " أنّ " المشددة الناصبة للأسماء دون " أن " المخففة الناصبة للأفعال. وأنما خصت هذه الأفعال بالمشددة لأن المشددة المفتوحة بمنزلة " إنّ " المكسورة في باب التوكيد والإيجاب، وما اختص بالإيجاب لا يدخل عليه ما ينقض دلالته على الإيجاب، فلم يدخل على " أن " المشددة " رجوت " واشتهيت وبابه. لأن هذه الأفعال يجوز أن يوجد ما بعدها ويجوز ألا يوجد فوقعت على " أنّ " المخففة التي لا توكيد فيها ولا مضارعة لما يوجب التوكيد.

ولا ينكر أن تكون هذه الأفعال المحققة تختص ب ألا يدخل عليه باب " رجوت " و " اشتهيت " كما أن لام " التوكيد " و " السين " و " سوف " لا يجامعها جحد. ألا ترى أنك تقول: والله لزيد قائم ولا تقول: والله لما زيد قائم. تريد: " ما " الجحد وكذلك لا يجوز:

ما سيقوم وليس سيقوم وكذلك أفعال التحقيق منعت من دخولها على المخففة. وخصت المخففة بالأفعال غير المخففة وهي الأفعال التي يجوز أن يكون مفعولها. ويجوز أن لا يكون كقولك: اشتهيت أن لا يخرج زيد لأن زيدا يجوز أن يخرج ويجوز أن لا يخرج، وقولك: رجوت أن يقدم زيد يجوز أن يقدم، ويجوز أن لا يقدم.

واعلم أن من الأفعال ما يكون فيه تأويلان أحدهما: الإيجاب والآخر: غيره فيجيز أن تكون " أنّ " بعدها بالتشديد والتخفيف بتأويل التشديد ورفع الفعل بعده ويجوز أن يكون بعدها (أن) ناصبة للفعل. وذلك " حسبت " و " ظننت " و " خلت " و " رأيت " من رؤية القلب وفيها تأويلان:

أحدهما: تأويل العلم واليقين والمعرفة لأن الظان قد أثبت في ظنه ما ظنه واعتقده عنده أنه حق كما يعتقد العالم فيما علمه أنه حق فيجري لفظ ما بعد هذه الأفعال بالتشديد في هذا التأويل. كما يجري في العلم فيقال: حسبت أن زيدا منطلق " وظننت أنك أخونا " وأن خففت وأنت تنوي الشديدة قلت: " قد حسبت أن لا تقول ذلك "

<<  <  ج: ص:  >  >>