للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أرجو) و " أطمع " و (عسى " وأنت لا توجب إذا ذكرت شيئا من هذه الحروف والذي يجوزه أنه قد يستقر في علمه كون شيء يعلم أنه يضره ونفسه كارهة له ونافرة منه.

فذلك النفور والكراهية هو الخوف والخشية.

وضعيف في الكلام أن تقول: " قد علمت أن تفعل " لأن الأصل: علمت أنك ذاك " ولو قلت علمت أن تفعل ذاك " لم يجز. لأن الفعل لا يلي " أنّ " و " إنّ " المشددتين.

فكرهوا أن يجمعوا عليه حذف الاسم والتخفيف وأن يليه ما لم يكن يليه من الفعل. فإذا عوضوا سهل ذلك إذ قد وجد بعض ما يحذف. إذا كان في الكلام عوض منه جاز وإن لم يكن لم يجز نحو قولهم:

وبلد عامية أعماؤه (١)

بمعنى: ورب بلد. ولا يجوز أن تقول: بلد. بمعنى: رب بلد.

وأما قولهم: أما أن جزاك الله خيرا وتقديره: أما أنه جزاك الله خيرا ومعناه: حقا أنه جزاك الله خيرا كما تقول: أما أنك راحل بمعنى: حقا أنك راحل وقد حذف اسم " أن " المشددة ووليها الفعل فأنما: إن ذلك لأن هذا الكلام دعاء. والأشياء التي تكون عوضا من التخفيف وحذف الاسم لا يصح وقوعها فيه لأن " قد " لا تقع في الدّعاء. لا تقول: قد غفر الله لك وأنت تريد الدعاء فلا يجوز: أما أن قد جزاك الله خيرا وكذلك " السين " و " سوف " لا يصح دخولهما على فعل الدعاء لأنهما يضمران الكلام يقينا واجبا. ولا يجوز دخول " لا " لأنها تقلب معنى الدعاء له إلى الدعاء عليه. فاحتمل لذلك ترك العوض، وأجازوا كسر " أن " في هذا الموضع فقالوا: أما إنّ جزاك الله خيرا. وتقديره: أما إنّه جزاك الله خيرا.

ومعنى " إن " إذ كسرت معنى: " ألا " التي يستفتح بها الكلام. " وجزاك الله خيرا " خبر لاسم أن والدعاء والأمر يكونان خبرين للمبتدأ كقولك:

زيد جزاه الله خيرا- وزيد أضربه.

وإن لم تقدر " إنه وأنه " بطل معنى الكلام وأنما حسن الحذف فيه من غير عوض


(١) البيت لرؤبة بن العجاج ديوانه ص ١ وهي مطلع قصيدة في وصف المفازة والسراب.
انظر معاهد التنصيص: ٨٦، أمالي المرتضي: ١/ ١٥٥، أمالي ابن الشجري: ١/ ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>