للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرعون: أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ (١)؛ لأن قوله: أم أنا خير من هذا الذي هو مهين بمنزلة قوله: أم تبصرون على ما بينه سيبويه.

وبالإيجاب بأحد الأمرين في المسألة الأولى وذكر " أم " بعدها كالتوكيد المستغنى عنه.

ألا ترى أن قوله: " تبصرون " يستدعي به السائل أن يقال له: لا نبصر أو نبصر.

كأن فرعون ظن أولا أنهم لا يبصرون ثم أدركه ظن أنهم يبصرون على نحو ما ذكرناه فيما قبله.

وقال أبو زيد: (٢) " أم " زائدة في هذا الموضع كأنه قال: " أفلا تبصرون أنا خير من هذا الذي هو مهين ". ولم يقله غيره من النحويين.

وما علمت أحدا تابعه عليه إلا رجلا من المقرئين. وكان إذا قرأ استوقف القارئ على " أم " ثم ابتدأ: " أنا خير من هذا الذي هو مهين ".

فأنشد أبو زيد قول الراجز:

يا دهن أم ما كان مشيتي رقصا ... بل قد تكون مشيتي توقّصا (٣)

وقد يجوز أن يكون ما أنشده أبو زيد من كلام مقدم بعضه وإن كان في أوله حرف النداء لأن حرف النداء قد يقع حشوا. كقولك: قمت يا زيد أو لم تقم.

فيمكن أن يكون قال: أكان مشيتي في شبابي رقصا. وقد يجوز أن تكون " ما " زائدة وتكون " أم " على كلام متقدم.

وأما قوله:

كذبتك عينك أم رأيت بواسط

فإنه: يكون: على أنه خبّر بكذب عينه ثم أدركه ظن وبأن ذلك كان في القوم فقال:


(١) سورة الزخرف، الآيتان: ٥١، ٥٢.
(٢) هو أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري أخذ عنه سيبويه اللغة توفي ٢١٥، نزهة الألباب:
٨٧.
(٣) انظر المقتضب: ٣/ ٢٩٧، والخزانة: ٤/ ٤٢١، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>