للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه قال (ما أبالي) أي الفعلين كان؟ وتقول: أزيدا أو عمرا لقيت أم بشرا؟

وذلك أنك لم ترد أن تجعل " عمرا " عديلا لزيد. حتى يصير بمنزلة: أيهما؟ وإنما أردت أن ذلك حشوا. كأنك قلت: أأحد هذين لقيت أم بشرا؟ ومثل ذلك قول صفية بنت عبد المطلب

كيف رأيت زبرا؟ (١) ... أأقطا أو تمرا؟

أم قرشيا صارما هزبرا؟

وذلك أيّها لم ترد أن تجعل التمر عديلا للأقط لأن المسئول لم يكن عندها ممن قال:

هو أما تمر وأما أقط وأمّا قرشي

ولكنه ممن قال: أهو طعام أم قرشي؟

فكأنها قالت: أشيئا من هذين الشيئين رأيته أم قرشيا؟

وتقول: أعندك زيد أو عندك عمرو أو عندك بشر؟ كأنك قلت: هل من هذه الكينونات شئ؟ فصار هذا كقولك: أتضرب زيدا أو تضرب عمرا أو تضرب خالدا؟

ومثل ذلك: أتضرب زيدا أو بشرا أو خالدا؟ وتقول: أعاقل زيد أم عالم؟

وتقول: أتضرب عمرا أم تشتمه؟ تجعل الفعلين والاسم بينهما بمنزلة الاسمين والفعل بينهما لأنك قد أثبت العلم والعقل. وأدعيت أحدهما كما أدعيت ثم أحد الاسمين.

وإن قلت: " أو " فهو عربي حسن. فأما إذا قلت: أتضرب أو تحبس زيدا؟ فهو بمنزلة أزيدا أو عمرا تضرب؟

قال جرير:

أثعلبة الفوارس أو رباحا ... عدلت بهم طهيّة والخشابا (٢)

وإن قلت: أزيدا يضرب أو يقتل؟ كان كقولك: أيقتل زيدا أو عمرا؟ و " أم " في


(١) انظر اللسان: (زبر)، المقتضب: ٣/ ٣٠٣، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٣٣٤.
(٢) ديوان جرير: ٦٦، العيني: ٢/ ٣٥٥، أمالي ابن الشجري: ١/ ٢٩٧، والأشموني: ٢/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>