للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد الأمرين إذا اختاره لا يتخطاه ولا يتجاوزه ويكون الآخر عليه محظورا.

والوجه الآخر: أن يكون له اختيار كل واحد من الأمرين عند حظر الآخر عليه.

(أ) فأما الأول فقولك: " خذ ثوبا أو دينارا " إذا خيرته أحدهما وكان الآخر غير مباح له وهذا الذي يسمى " التخيير ".

ومخرج هذا ونحوه أن تعلم أنه ما كان للمخاطب أن يتناول شيئا من الاثنين قبل أن يخبره الآمر وإنما كانا محظورين عليه ثم زال الحظر في أحدهما وبقي الآخر على حظره.

فإذا قال: " خذ دينارا أو ثوبا " فالدينار والثوب كانا محظورين عليه ولم يكن له أن يأخذ واحدا منهما فلما قال: " خذ دينارا أو ثوبا " جاز له أخذ أحدهما وبقى الآخر على حظره.

ومثله في القرآن قوله عز وجل: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ (١). فأوجب أحد هذه الثلاثة ولا يمكن فعل اثنين منها لأنه إذا فعل واحدا منها فقد كفّر وسقطت عنه الكفّارة.

(ب) والوجه الثاني من الوجهين: ألا يكون الأمران في الأصل محظورين فيما يراه المخاطب ويسمى هذا الوجه " الإباحة ".

وذلك قولك: ألبس خزّا أو قوهيا أو ديباجا أو وشيا فكأنه أراد أن كل صنف من هذا لك لبسه.

كأنه شيء من شيئين إن لبس أحدهما لم يمتنع عليه الآخر من أن يلبسه بعده.

وإنما أراد إعلامه أن كل واحد منهما له لبسه. لئلا يرى أنه يلبسهما معا. ولا أنه إذا أفرد كان مخالفا. فلما كان كل واحد منهما مأمورا به جاز لبسها كلها.

ومثله في القرآن قوله عز وجل: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ (٢). كل ذلك مباح الأكل منه.


(١) سورة المائدة، الآية: ٨٩.
(٢) سورة النور، الآية: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>