للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنك إذا قلت: " قام زيد وعمرو فزيد وعمرو " متساويان في وقوع القيام منهما ومتساويان في إبهام زمان قيامهما. ليس أحدهما أولى من الآخر بزمان القيام.

وإذا قلت: " قام زيد فعمرو " أو " ثم عمرو " فكل واحد من الاسمين قد حصل على قيامه في زمان غير زمان قيام الآخر.

وناب الاستفهام بعد سواء عن الاسمين اللذين يقتضيهما " سواء " لأن في الاستفهام معادلة وتسوية بين شيئين.

وأما " أو " قد خلت في الفعلين لما فيها من معنى المجازاة. فإذا قلت: سواء على قمت أو قعدت فتقديره: إن قمت أو قعدت فهما على سواء.

ويصير معنى " أو " إلى معنى الجزاء في قولك: " اضربه مات أو عاش " كأنه قال:

اضربه إن مات من ضربك أو عاش (وناب ذلك عن الاسمين بعد سواء).

وجاء في المصدرين " الواو " و " أو " أما " الواو " فلأن المصدرين اسمان فإذا قلت سواء على قيامك وقعودك فهو كقولك: سواء على عبدك وأمتك. وأما " أو " فلأن المصدرين مأخوذان من فعلين. وقد كان يعطف أحدهما على الآخر " بأو " وذلك قولك: سواء على قيامك أو قعودك. لأنه مصدر قولك سواء على قمت أو قعدت.

واعلم أن الاسمين إذا كانت بينهما " أو " فلا معادلة بينهما ولا تسوية وأنهما كاسم واحد يجوز أن تعادل بينه مبهما وبين آخر. كقولك: أزيدا أو عمرا رأيت أم بشرا؟ فزيد وعمرو جميعا لدخول " أو " بينهما بمنزلة اسم واحد عودل بينه وبين بشر. فكأنه قال:

أأحد هذين الرجلين رأيت أم بشرا؟

ومثله قول صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلّى الله عليه وسلّم:

كيف رأيت زبرا؟ ... أأقطا أو تمرا؟

أم قرشيّا صارما هزبرا؟

زبرا: مكبر الزبر. والزبير تصغير: زبر والزبير بن العوام رضي الله عنه ابنها وقد رأته صارع آخر فصرعه الزبير فقالت للمصروع كيف رأيت زبرا أي الزبير. أأقطا وتمرا أي: رأيته طعاما تأكله ويلين لضربتك أم خشنا على قرنه كالسيف والأسد.

وقوله: " أأقطا أو تمرا " لدخول " أو " بينهما بمنزلة: أطعاما ووقعت المعادلة بينه وبين قرشيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>