التأنيث وسنبين ذلك كله في موضعه بأكثر من هذا إن شاء الله تعالى.
فإذا اجتمع في الاسم من هذه العلل العشر الفرعية ثنتان فصاعدا أو واحدة تقوم مقام ثنتين منع الاسم من الصرف، فلم يدخله تنوين ولا جر.
وإذا دخلت واحدة لم تمنع الصرف.
وإنما لم يمنع بدخول واحدة؛ لأن في الاسم خفة بالاسمية، فإذا دخل ثقل واحد قاومته الخفة فلم يغلبها فإذا دخل
ثقلان غلباها.
وإنما منع ما لا ينصرف التنوين والجر؛ لأن التنوين هو علامة الأمكن وحذفه علامة المثقل من الأسماء، ولم يدخله الجر؛ لأن الاسم الذي ثقل بما دخل عليه أنزل منزلة الفعل، وليس في الفعل جر.
فإن قال قائل: فهلا أسكن الاسم في حال الجر إذا دخل عليه ما يمنع الصرف؟
قيل له حكم الاسم المستحق للإعراب أن لا يمنع الإعراب في شيء من أحواله فاحتيج إلى إعرابه، فحمل على النصب كما حمل النصب عليه في التثنية والجمع السالم.
وقال الزجاج: ما لا ينصرف في حال الجر مبني؛ لأن الجر لا يدخله كما لا يدخل الفعل، إذا كان ما لا ينصرف مشبها بالفعل، فلما لم يدخله الجر أبدل من الكسرة بناء الفتح، كما أن الأفعال حين ضارعت الأسماء أعطيت الإعراب كذلك إذا ضارع الاسم الفعل منع ما لا يدخل الفعل، فكرهوا إذا لم يخففوا الاسم، وهو في موضع يجب له فيه حركة الإعراب أن يسكنوه فلا يكن بين الأسماء المتمكنة إذا لم تنصرف وبين الأسماء التي هي غير متمكنة وهي مبنية على الوقف فرق.
وجميع ما لا ينصرف مشبه بالفعل، وتشبيهه بالفعل من وجهين: أحدهما بالوزن كأحمر، ويزيد، ويشكر، وتغلب، وضرب، وكسّر، والآخر بالثقل الذي يدخله، وذلك الثقل فرع، والفعل فرع، فهما مجتمعان في الفرعية.
وحقيقة منع الصرف إذهاب التنوين، دون منع الجر والدليل على ذلك أن المرفوع والمنصوب مما لا مدخل في الجر فيه، إنما يذهب منه التنوين فقط، وإذا دخل على ما لا ينصرف الألف واللام أو أضيف انصرف، كقولك: مررت بالأحمر، والأسود، والمساجد، والحمراء والصفراء وبعمركم وإبراهيمكم وما أشبه ذلك؛ وإنما انصرف لأن الألف واللام والإضافة أخرجتاه من شبه الفعل، إذ كان الفعل لا يكون فيه ذلك، فانصرف لخروجه من