للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلت به الوصف خاصة، فصار كقولك: كل أفعل زيد نصب أبدا، لأنك مثلت به الفعل خاصة ".

وقد زعم المازني أنه أخطأ في قوله: رجل أفعل ترك صرف " أفعل ". وقال أبو العباس: لم يصنع المازني شيئا والقول عندي إنه ينصرف؛ لأنّا رأيناهم حيث وصفوا بأفعل الذي هو اسم في الأصل صرفوا، وذلك قولهم هؤلاء نسوة أربع، ومررت بنسوة أربع.

وأما قوله: كل أفعل زيد فلا خلاف فيه، يكون " أفعل " على لفظ الفعل الماضي وقد ارتفع به زيد، ولا يجوز أن يرتفع به إلا وهو فعل، ثم يدخل " كل " على لفظ الجملة ولا يتغير، كما قال:

... ... بني شاب قرناها

وهذا برق نحره، وسترى ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

قلت: ولم لا يجوز أن تقول: كل " أفعل " في الكلام لا أصرفه، إذا أردت الذي مثلت به الوصف، كما تقول: كل آدم في الكلام لا أصرفه؟

قال: هذا لا يجوز؛ لأنه لم يستقر أفعل في الكلام صفة، بمنزلة آدم، فإنما هو مثال: ألا ترى أنك تقول: لو سميت رجلا " أفعل " صرفته في النكرة لأن " أفعل " لا يوصف به شيء وقد مضى الكلام في نحو هذا. و " آدم " في نفسه صفة مأخوذة من الأدمة، ويقال رجل آدم، فيبين فيه ممن ليس بآدم، ولا يقال رجل أفعل في شيء من المعاني، وإنما هو من تمثيلات النحويين وحكم اللفظ فيه على ما ذكرته لك، وليس لشيء ثابت في الكلام على طريق المثال، ولكنه يصلح على موضوع النحويين أن يكون مثالا للاسم، والصفة، والفعل، وهو في نفسه اسم؛ لأنهم في المثال يضعونه مواضع الأسماء حين قالوا: " كل أفعل "، وأضافوا إليه " كل " أو قالوا: " أفعل ينصرف " فخبروا عنه.

ومما يجري مجرى هذا كلّ فعلان له فعلى لا ينصرف، وتقول: فعلان إذا كان له فعلى لا ينصرف، فتصرف " كلّ فعلان " لأنه نكرة وهو اسم، كما تقول سعدان للنبت " وحومان " لما صلب من الأرض وهو في قولك " فعلان " إذا كان له فعلى معرفة على ما تقدم، وتقول على هذا كلّ فعلان إذا لم يكن له فعلى مصروف في النكرة غير مصروف في المعرفة.

قال: " تقول كل فعلى له فعلى كانت ألفها لغير التأنيث ينصرف، وإن كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>