قال سيبويه:" وإذا صغرت " ثناء " أو " أحاد " صرفته، كما صرفت " عمر " و " أخر " إذا حقرتهما ".
وقولنا:" قال " و " قيل " وإن كان أصله " قول " و " قول " لا يدخل في العدل وإنما هو من باب التخفيف كقولنا في علم: علم وفي ظرف: ظرف، تخفيفا، وليس من باب العدل؛ لأن في العدل توكيد معنى أو نقله من لفظ إلى لفظ أو تغيير قياس فيه لمعنى يدعو إليه على ما ذكرناه من وجوه العدل. وليس " عمر " بمحذوف من " عامر " كما أن " ميت " محذوف من ميّت، لأن " عمر " قد غيرنا اللفظ فيه، وضممنا أوله، ولم يغير في " ميت " أكثر من أن حذفت الياء المتحركة منه، ومخالفة بناء " عمر " لعامر كمخالفة مثنى لاثنين.
قال:" وإذا سميت رجلا ب " ضرب "، ثم خففته، فأسكنت الواو صرفته؛ لأنك قد أخرجته إلى مثال ما ينصرف، كما صرفت " قيل " وصار تخفيفك ل " ضرب " كتحقيرك إياه؛ لأنك تخرجه إلى مثال الأسماء، ولو تركت صرف هذه الأشياء في التخفيف للعدل لما صرفت اسم " هار " لأنه محذوف من هاير ".
وقد خالفه أبو العباس محمد بن يزيد في تخفيف " ضرب " فقال: إذا خففنا " ضرب " قبل التسمية فقلنا: " ضرب " ثم سمينا به مخففا، فإنه ينصرف، وإن سميناه ب " ضرب " ثم خففناه لم ينصرف؛ لأننا ننوي " ضرب " في التسمية.
وفرّق بين " ضرب " إذا خففناه بعد التسمية وبين " قيل " وذلك أن قيل لم يستعمل فيه قول، وإنما يبنى على التخفيف، والتخفيف فيه لازم، وليس بلازم في ضرب.
وقال المحتج عن سيبويه: إن المانع من صرف " ضرب " اللفظ الذي ليس في الأسماء نظيره، فإذا زال اللفظ إلى ما له نظير انصرف، كما ينصرف إذا حقرته.
واستدل سيبويه أنه ليس الحذف في كل حال للعدل بأن " هار " مخفف عن " هائر " محذوف الهمزة وليس بمعدول، ولا ممنوع الصرف فاعرفه إن شاء الله.
(١) البيت في الكتاب ٣/ ٢٢٥، والمقتضب ٣/ ٣٨١، وابن يعيش ١/ ٦٢.