للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأسماء لو جعلت لرجل لم ينصرف، وإنما يقال: هذه تميم، وهؤلاء تميم، إذا قدرت الإضافة إليه.

ولا يقال: هذا تميم لئلا يلتبس اللفظ بلفظه، إذا أخبرت عنه.

أرادوا أن يفصلوا بين الإضافة وبين إفرادهم الرجل، فكرهوا الالتباس.

وقد كان يجوز في القياس أن يقال هذا تميم في معنى هذا حي تميم ويحذف الحي ويقام " تميم " مقامه، ولكن ذلك لا يقال للبس. على ما ذكره سيبويه.

وقد يقال جاءت القرية وهم يريدون أهل القرية، فأنثوا للفظ القرية، وقد كان يجب على هذا القياس أن يقال هذا تميم، وإن أردت به بني تميم، فتوحد وتذكر على لفظ تميم، ففصل سيبويه بينهما لوقوع اللبس، وكأن القرية كثر استعمالها عبارة عن الأهل، ولا يقع اللبس فيها إذا أضيف فعل إليها.

ثم مثل سيبويه أن اللفظ قد يقع على الشيء، ثم يحمل على غيره على المعنى كقولهم: القوم ذاهبون والقوم واحد في اللفظ وذاهبون جماعة ولا يقولون: القوم ذاهب، ومثله ذهبت بعض أصابعه، وما جاءت حاجتك؟ فحمل تأنيث " ذهبت " و " جاءت " على المعنى كأنه قال: ذهبت أصابعه أو ذهبت إصبعه، وأية حاجة جاءت حاجتك.

وكذلك قولهم: هذه تميم، وهؤلاء تميم، إنما حمل على (جماعة تميم أو بنو تميم).

وأنشد سيبويه من الشواهد على أن آباء القبائل جعل لفظه عبارة عن القبيلة قول بنت النعمان بن بشير:

بكى الخزّ من روح وأنكر جلده ... وعجّت عجيجا من جذام المطارف (١)

فجعلت " جذام " وهو أبو القبيلة اسما لها فلم تصرف.

وأنشد أيضا:

فإن تبخل سدوس بدرهميها ... فإنّ الرّيح طيّبة قبول (٢)

فلم يصرف (سدوس)؛ لأنه جعله اسما للقبيلة.

قال: " وإذا قالوا ولد سدوس أو ولد جزام كذا وكذا صرفته ".


(١) البيت في الكتاب ٣/ ٢٤٨، والمخصص ١٧/ ٤٠، وسمط اللآلي ١٧٩، المقتضب ٣/ ٣٦٤.
(٢) البيت للأخطل في ديوانه ١٢٦، والكتاب ٣/ ٢٤٨، والخصائص ٣/ ١٧٦، والمخصص ١٧/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>