منه، ف (غدوة) قد اشتقت للتعريف من (غداة)، كما أن (سعاد) قد اشتقت من (السعادة) لأن توضع لمعرفة.
والأصل في هذين الاسمين (غدوة)، و (بكرة) محمولة عليها لاجتماعهما في المعنى وفي البنية.
كما أن " يذر " محمولة على " يدع "، وكان القياس في " يذر " أن يقال (يذر)، لأن أصله يوذر، فسقطت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة وليس في موضع عين الفعل، ولامه حرف من حروف الحلق فيفتح.
وأصل " يدع " أيضا " يدع " بكسر الدال ثم فتح من أجل العين التي هي لام الفعل وهي من حروف الحلق.
قال سيبويه:" ومثل ذلك قول العرب: هذا يوم إثنين مباركا فيه، وأتيتك يوم إثنين مباركا فيه. جعل إثنين اسما له معرفة، كما تجعله اسما لرجل "
وقد رد أبو العباس المبرد هذا، وذكر أن " إثنين " اسم اليوم لا يكون معرفة أبدا إلا بالألف واللام، وأن قولهم مباركا فيه على الحال من النكرة.
وزعم يونس عن أبي عمرو، وهو قوله أيضا، وهو القياس، أنك إذا قلت: لقيته العام الأول، أو يوما من الأيام، ثم قلت غدوة أو بكرة وأنت تريد المعرفة لم ينون، يريد أنه يجوز أن ينكر اليوم، وتعرف " غدوة " و " بكرة " فتقول " رأيته يوما غدوة؛ لأن " غدوة " وقتها في اليوم معروف، فكأنك قلت: رأيته يوما في هذا الوقت منه، وأما " ضحوة " وعشية وغيرهما من ساعات اليوم والليلة فكله نكرات إلا سحر يومك. هذا هو المعروف الكثير في كلام العرب.
قال سيبويه إن بعض العرب يدع التنوين في " عشية " كما ترك في غدوة.
قال أبو العباس: وليس هذا بشيء، وعشية نكرة على كل حال. وأرى حكاية سيبويه لا ترد.
قال: وزعم الخليل أنه يجوز أن تقول: آتيك اليوم غدوة وبكرة تجعلهما بمنزلة " ضحوة " وزعم أبو الخطاب أنه سمع من يوثق به من العرب يقول آتيك بكرة وهو يريد الإتيان في يومه أو في غده، ومثل ذلك قول الله عز وجل: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً