للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت تكون في ثماني ولم يستثقلوها. ومعنى شفر بفر متفرقين، وذلك أنه يقال للكلب إذا رفع إحدى رجليه للبول وفرّق بينهما وبين الأخرى شفر، وأصل " بفر " من قوله: بفرت السماء إذا أكثرت مطرها. قال الشاعر:

بفرة نجم هاج ليلا فانكدر (١)

والبفر كثرة الشرب. فإذا قال: ذهب النوم شفر بفر فكأنه قال: تفرّقوا فأوسعوا في التّفرّق.

قال: " ومثل ذلك قول العرب: لا أفعل ذلك حبري الدهر، وقد زعموا أن بعضهم ينصب الياء ومنهم من يثقل الياء "

قال أبو سعيد: وفى حبري ثلاث لغات، منهم من يقول: لا أفعل ذلك حبري دهر وحبري دهر وحبريّ دهر، وهو منصوب في الأصل، فمن شدّده جاء بياء النسبة على أصلها، ومن سكّن الياء حذف الثانية من ياءي النسبة وبقّى الأولى وهي ساكنة، ومن فتح وخفض حذف الأولى من ياءي النسبة، ومعناه لا أفعل ذلك ما حار الدهر، أي لا أفعله أبدا. وحار رجع، والدهر يرجع أبدا لأنه كلما مضى يوم وليلة عاد مثله، فالدهر يرجع أبدا. ومثل ذلك قول العرب: لا أفعل ذلك ما اختلف الجديدان وماكر الليل والنهار.

قال: " وأما اثنا عشر فزعم الخليل أنه لا يغير عن حاله قبل التسمية وليس بمنزلة خمسة عشر؛ لأن الاسم الأول مثنى وليس في الكلام اسم مثنى مبني، بل يصير في الرفع ألفا وفي الجر والنصب ياء.

ألا ترى أنّك تقول الذي والذين فتبنيه ولا يتغير في النصب والجر. وإذا أضفت اثني عشر وهي عدد فلا يجوز ذلك كما يجوز في سائر العدد، تقول في سائر العدد: هذه خمسة عشري، وهذه عشريّ وهذه خمسة عشراه، وهذه عشروك، ولا تقول: هذه اثنا عشرك؛ لأن عشر من اثني عشر جعل بمنزلة النون من (اثنان)، فلو أضفت وجب حذف عشر كما يجب حذف النون، فكان يلزم أن تقول: اثناك كما تقول غلاماك، ولو قلت هذا لالتبس بإضافة الاثنين اللذين لا عشر معهما، ولو سميت رجلا به جاز إضافته فقلت:


(١) البيت للعجاج في ابن يعيش ٤/ ١٢٨، واللسان (بفر).

<<  <  ج: ص:  >  >>