للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه طرفا في موضع لام الفعل وقبلها ألف والهمزة منقلبة من ياء أو واو، وإذا صغرت أبطلت الهمز ورددتها إلى الأصل؛ لأن الهمزة إنما انقلبت من الياء والواو لتطرفهما بعد ألف، فإذا صغرنا فقد بطلت الألف، تقول في تصغيره: (عتليّ) و (قضيّ) و (رشيّ) فتحذف الياء الأخيرة ولا همزة فيه، ألا ترى أنك تقول في الجمع: (أعطية) و (أقضية) و (أرشية).

وما كانت الهمزة فيه أصلية غير منقلبة فإنها تثبت همزة في التصغير ولا تحذف، فمن يقول: (ألاءة) وهي نبت و (أشاءة) وهي الفسيلة يقول في التصغير: (أليئة) و (أشيّئة)؛ لأن الهمزة ليست بمبدلة، والأصل في هذا عند سيبويه أن ما كان معروف الأصل بالاشتقاق من واو أو ياء، فهو من باب (عطاء) و (رشاء)، وما كان لا يعرف، جعل همزة أصلية حتى يقوم الدليل على غيرها؛ لأن الهمزة هي الموجودة فلذلك تقول إذا حقرت (الصّلاء): (صليّ)، و (الصّلاءة): (صليّة)؛ لأنه يقال: (صلاية)، وتقول في (سحاءة):

(سحيّة)؛ لأنه يقال فيها: (سحاية)، فوضح أنها من الياء، فإذا لم يعرف، فهو في الحكم همزة وتقول في تصغير (منسأة): (منيسئة)؛ لأنها من (نسأت) إذا سقت وهي (مفعلة)؛ لأنها يساق بها البهائم. والمنسأة العصا، ألا تراهم إذا كسّروا قالوا: مناسئ.

وكذلك (البريّة) هو من برأ الله الخلق، وقد خففت العرب الهمزة منها، فإذا صغرت رددت الهمزة فقلت: (بريئة) مثل (مريعة) كما تقول في (ذريعة) (ذريّعة)، وأما من قال:

(البريّة) مأخوذ من (البرى) وهو التراب؛ لأن الناس خلقوا منه فتصغيره: (بريّة)؛ لأن أصله (بريّية) بثلاث ياءات فتسقط الأخيرة منه.

وأما (النبيّ) فأصله عند سيبويه الهمز، وهو مأخوذ من النبأ وهو الخبر؛ لأنه يخبر عن الله جل وعز. وقد اختلفت العرب في همزه، فأكثرهم يخفف الهمز فيقول: (نبي) وأصله: (نبيء) وتجمعه جمع ذوات الياء فتقول: " أنبياء " كما تقول (أصفياء) و (أنقياء).

ومن العرب من يهمز فيقول: (نبيء) وقرأ بذلك نافع وأهل المدينة، وقرأوا في جمعه (أنبياء) وكان القياس إذا همز أن يكون جمعه (نبّاء) مثل (كريم) و (كرماء)، كما قال العباس بن مرداس السّلمي:

يا خاتم النّباء إنّك مرسل ... بالحقّ كل هدى السّبيل هداكا (١)


(١) البيت في الكتاب ٣/ ٤٦٠، والمقتضب ١/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>