للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما له جمع قليل فهو أن يقال: صغر (كلابا) أو (فلوسا) فأنت مخير إن شئت قلت: (كليبات) و (فليسات) بأن تردهما إلى (كلب) و (فلس)، وإن شئت قلت: (أكيلب) و (أفيلس) بأن تردهما إلى (أكلب) و (أفلس).

وقد يجيء في الجموع في معنى واحد (أفعلاء) و (أفعلة) فإذا أردت تصغير ذلك صغرت أفعلة لأنه جمع قليل ولم تصغر (أفعلاء) نحو قولهم في جمع (ذليل) و (جليل) و (نصيب): " أذلّة " و " أذلّاء " و " أجلّة " و " أجلّاء " و " أنصبة "

و" أنصباء " والمصغر من ذلك كله (أفعلة) لأنه بمنزلة (أحمرة) وإنما صغرت العرب الجمع القليل وردت الكثير إلى الواحد فصغرته ثم جمعته بالواو والنون والألف والتاء، لأن تصغير الجمع إنما هو تقليل للعدد، فاختاروا له الجمع الموضوع للقلة؛ لأن غيره من الجموع جعل للتكثير. فإذا صغروا فقد أرادوا تقليله، فلم يجمع بين التقليل بالتصغير والتكثير بلفظ الجمع الكثير، لأن ذلك يتناقض والواو والنون والألف والتاء أصله للقليل وذلك أنك تقول في التثنية:

" مسلمان " والاثنان أقل الجمع والذي يلي الاثنين ثلاثة يقال فيهم: " مسلمون " وقد وافق (مسلمون) " مسلمين " بسلامة لفظ الواحد فلما كان ثلاثة وأربعة، وما قرب من هذه الأعداد القليلة أقرب إلى الاثنين مما كثر وبعد عن الاثنين صار الواو والنون هو الأصل في الجمع القليل، ولهذا قال سيبويه: " وإنما صارت الياء والواو والنون لتثليث أقل العدد إلى تعشيره. "

وهو الواحد كما صارت الألف والنون للتثنية ومثناه أقل من مثلثه " ثم جمع بين الاثنين والجمع السالم بأن قال: " ألا ترى أن جرّ التاء ونصبها سواء. "

يعني فيما جمع بالألف والتاء " وجر الاثنين والثلاثة الذين هم على حد التثنية ".

ونصبهم سواء فهذا يقرب أن التاء والواو والنون للأدنى؛ لأنه وافق المثنى.

واعلم أن في الجمع ما كان اسما للجمع على غير تكسير فإذا صغرته لم تجاوز لفظه كقولك (راكب) و (ركب) و (راجل) و (رجل) فإذا صغرت قلت: (ركيب) و (رجيل) وكذلك لو صغرت " شربا " الذي هو جمع (شارب) لقلت: (شريب) وقد أحكمنا هذا في باب الجمع وأنشد الأصمعي لأحيحة بن الجلاح:

بنيته بعصبة من ماليا

<<  <  ج: ص:  >  >>