ويتهم، يقوله الرجل إذا بلّغ شيئا عن رجل فاتّهمه. ويخل من خال يخال، ولم يأت بمفعوليه، فإذا أتيت بالمفعول الأول فلا بدّ له من الثاني، وسنحكم هذا بأكثر من هذا الشرح إن شاء الله، و " كان " و " إنّ " متى أتيت بها، أو بواحدة من أخواتهما فلا بدّ أن تأتي بالاسم والخبر.
فهذه الأربعة التي ذكرناها داخلة في باب المسند والمسند إليه؛ لأن كل واحد من الاسم والخبر، محتاج إلى الآخر؛ فلذلك جعل سيبويه " كان عبد الله منطلقا، وليت زيدا منطلق "، بمنزلة المبتدأ والخبر، وأدخله في جملة ما انعقد عليه الباب.
ثم قال:" واعلم أن الاسم أوّله الابتداء: وإنما يدخل الناصب، والرافع سوى الابتداء، والجار على المبتدأ ".
قال أبو سعيد: أما قوله: " اعلم أن الاسم أوله الابتداء " فهو كلام بيّن، من قبل أن المبتدأ معرّى من العوامل اللفظية، وتعرّى الاسم من غيره في التقدير قبل أن يقترن به غيره؛ لأن الكلام يوضع كل كلمة منه تدل على معنى ما، ثم تركّب فيقترن بعضها ببعض، فيقع بها الفوائد المستفادة باقترانها، وإن كانت كل واحدة منها قد دلّت على معنى بعينه، ثم يدخل الناصب على المبتدأ إمّا تأكيدا، وإمّا لتغيير معنى؛ فالتأكيد:" إنّ زيدا قائم " والمعنى زيد قائم، وتغيير المعنى " ليت زيدا منطلق " والأصل زيد منطلق، مبتدأ وخبر، فدخلت ليت فنصبت ما كان مبتدأ وغيّرت المعنى، والرّافع الذي دخل على المبتدأ كان وأخواتها، وظننت وأخواتها إذا لم يسمّ فاعلوها؛ كقولك:" كان عبد الله منطلقا "، و " ظنّ بكر أخاك "، وهذان الرافعان هما غير الابتداء، ودخلا على الابتداء فأزالاه.
وقد يدخل الجار على المبتدأ في قولك:" ما عندي من أحد " و " هل عندك من مال؟ "، والمعنى " ما عندي أحد "، و " هل عندك مال؟ "، فأحد، ومال يرتفعان بالابتداء، ثم دخل عليهما الجار، ومن ذلك أيضا قولك:" حسبك زيد "، فيكون حسب مبتدأ، وزيد الخبر، ثم تقول:" بحسبك زيد "، فيدخل الجر على ما كان مبتدأ قبل دخوله.
وقد ظن بعض الناس أن (الباء) في " مررت بزيد " و (من) في " أخذت من زيد " هو ما عناه سيبويه من دخول الجرّ على المبتدأ، وظن أن قوله:" المبتدأ " ما يكون مبتدأ في حال، وهو على غير ما ظن؛ لأن ما يدخل على المبتدأ هو الذي إذا نزع صار مبتدأ، وليس ذلك في " مررت بزيد ".