قال: وإذا أردت النون الخفيفة في فعل الاثنين المرتفع قلت: (هل تضربان زيدا) وهذه النون نون الرفع ولا يجوز إدخال النون الخفيفة فيه، لأن إدخالها يوجب بطلان نون الرفع، وقد قلنا إنها لا تدخل ونون الرفع ثابتة.
" وإذا أدخلت النون الثقيلة في جمع النساء قلت: (اضربنان زيدا)، و " هل تضربنان يا نسوة " والأصل (اضربن) و (هل تضربن) ودخلت النون المشددة، فصارت:(اضربننّ) و (هل تضربننّ) فاستثقلوا اجتماع ثلاث نونات فأدخلوا ألفا بينها، ولاستثقال هذه النونات (استثقالا) ما أجازوا حذف واحدة منها في " إنّني " و (كأنّني) و (لكنّني) حتى قالوا (إني)، و (كأني)، و (لكني).
وأما النون الخفيفة فلا يجوز إدخالها على فعل جماعة النساء في قول الخليل وسيبويه ومن ذهب مذهبهما، لأنا لو أدخلنا النون الخفيفة لوجب أن نجعلها في موضع النون المشددة، ولو فعلنا ذلك أدخلنا ألفا بين نونين فقلنا (اضربنان زيدا) ولو فعلنا ذلك لوقعت النون الأخيرة ساكنة بعد ألف فتصير بمنزلتها في فعل الاثنين وقد بينا فساد ذلك.
قال: وأما يونس ومن ذهب مذهبه من النحويين فيقولون في التثنية وجمع المؤنث:
(اضربان واضربنان) وهذا لم يقله العرب، وليس له نظير في كلامها. لا يقع بعد الألف ساكن إلا أن يدغم ويقولون في الوقف:(اضربا واضربنا) فيمدون وهو قياس قولهم، لأنها تصير ألفا فإذا اجتمعت ألفان مد الحرف.
وكان المازني والمبرد يفسران مذهب يونس كما فسره سيبويه، ويقولان: أنه يكون في الوقف ألفان.
قال المازني: قياس قولهم أن يبدلوا منها في الوقف ألفا فيقول (اضربا) و (اضربنا) وكان الزجاج منكر هذا، ويقول: لو مدت الألف الواحدة وطال مدها ما زادت على الألف؛ لأن الألف حرف لا تكرر، ولا يؤتي بعدها بمثلها.
والذي قاله سيبويه على قياس قول القوم: إنه يجتمع ألفان، وليس هذا بمنكر وهو أن يقدر أن ذلك المد الذي زاد بعد النطق بالألف الأولى يرام به ألف أخرى وإن لم تنكشف في اللفظ كل الانكشاف، وقد رأيناهم بنوا من الممدود شعرا من السريع، وضربه مفعولات، وحروف الروي منه همزة ساكنة وقبل الروي ردف (ألف) كنحو قولهم: