فأما المتحرك، فنحو قولك: (لم يقم الرّجل) حركت الميم ولم ترد الواو التي ذهبت لاجتماع الساكنين، وكذلك الانطلاق حركت لام التعريف لسكونها وسكون النون ولم تحذف ألف الوصل؛ لأن الحركة عارضة في اللام ومن قال (لحمر) فإنه حذف ألف الوصل لما تحركت اللام، وإنما الحاجة الداعية إليها سكون اللام.
ومن قال في (الأحمر): " (الأحمر) لزمه أن يقول في (اسأل) (اسل)، لأنه يلقي حركة الهمزة على السين، والسين في نية السكون.
من قال (لحمر) فحذف ألف الوصل لتحرك اللام في اللفظ لزمه أن يقول في (اسأل) (سل) غير أن الأكثر في كلام العرب إبقاء ألف الوصل مع لام المعرفة وحذفها في غير ذلك.
وذلك لأن هذه اللام من صيغتها السكون في أحوالها كلها لا تعتورها الحركة، إلا بسبب غيرها فكأن نية السكون فيها أقوى وألف الوصل إليها أجلب.
وحكى الكسائي والفراء أن من العرب من يقلب الهمزة لاما في مثل هذا فيقول في (الأحمر) (اللحمر) وفي
(الأرض) (اللرض)، وفي جميع هذا الباب. فإن كانت هذه الرواية صحيحة فالقائلون بها إنما قلبوها ولم يلقوا حركتها على اللام، لأنه ليس من شأن هذه اللام أن تحرك فقلبوها من جنس اللام على جهة المجاورة للتكثير لها كما يقولون (لو ") إذا جعلوها اسما فيزيدون واوا من جنس الواو التي في (لو).
قال: ومثله قولك في (المرأة) " المرة " و (الكمأة) " الكمة " فهذا من التخفيف الذي ذكرناه وإلقاء حركة الهمزة على ما قبلها وحذفها.
قال: وقد قالوا (الكمأة)، و (المرأة) ومثله قليل.
والذي قال: (الكمأة)، قلب الهمزة ألفا لانفتاحها وفتح ما قبلها، لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا، وهذا عند سيبويه والبصريين غير مطرد، والوجه ما ذكرناه في أحكام الهمز، والكسائي والفراء يريان هذا الباب مطّردا، ويقيسان ذلك عليه.
قال: وقد قال الذين يخففون: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (١) حدثنا بذلك يونس، وإنما حذفت الهمزة هاهنا؛ لأنك لم ترد أن تتم وأردت إخفاء الصوت فلم يكن ليلتقي ساكن وحرف هذه قصته ".
يعني أنك إذا خففت الهمزة التي قبلها ساكن لم يجز أن تجعلها بين بين لأن همزة بين
(١) سورة النمل، الآية: ٢٥.