للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها (١) ويا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ (٢).

ومنهم من يحقق الأولى ويخفف الأخيرة سمعنا ذلك من العرب وهو (قول) " فقد جاء أشراطها " و (يا زكريّا إنّا) وقال:

كل غرّاء إذا ما برزت ... ترهب العين عليها والحسد (٣)

أي أن تحسد سمعنا من يوثق به من العرب ينشده هكذا.

وكان الخليل يستحب هذا القول فقلت له: " لمه؟ "

فقال إني رأيتهم حين أرادوا أن يبدلوا إحدى الهمزتين اللتين تلتقيان في كلمة واحدة أبدلوا الأخيرة وذلك قولك " جائي " و (آدم) و (رأيت) أبا عمرو أخذ بهن في قوله: يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ (٤) حقق الأولى، وكل عربي.

وقياس من خفف الأولى أن يقول: يا ويلتا األد، والمخففة فيما ذكرنا بمنزلتها محققة في الزّنة، ويدلك على ذلك قول الأعشى:

أأن رأت رجلا أعشى أضرّبه ... ريب المنون ودهر تابل خبل (٥)

فلو لم تكن بمنزلتها محققة لانكسر البيت.

وقد تقدم تخفيف الهمزة الواحدة لما فيها من الاستثقال فإذا اجتمعت همزتان ازداد الثقل ووجب التخفيف في كلام العرب.

أما إذا اجتمعت همزتان في كلمة فلم يحك سيبويه غير تخفيف إحداهما ولم يجز غير ذلك.

ومما يحتج له في ذلك أنه لا خلاف في قوله: " آدم " و " آمر " ولم يقل (أأدم) ولا (أأمر) وإن كان أصل ذلك بهمزتين.

وأما أبو زيد فحكى أن من العرب من يحقق الهمزتين جميعا فيقول: أأنت قلت ذاك؟


(١) سورة محمد، الآية: ١٨.
(٢) سورة مريم، الآية: ٧.
(٣) البيت من الرمل انظر ابن يعيش: ٩/ ١١٨، وشواهد الكتاب: ٣/ ٥٤٩.
(٤) سورة هود، الآية: ٧٢.
(٥) البيت سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>