للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العجاج:

تلفّه الرياح والسّميّ ... في دفء أرطاة لها حتيّ (١)

وقد قيل لأبي الحسن الأخفش لم لم يجز أن يقولوا في لغة من خفف: (عطر) والياء لا تعتل على هذا الوجه؟

فقال: لأن هذا في لغة من يقول (علم) والأصل عندهم التثقيل، ولكنهم يخففون.

والدليل على أن الأصل التثقيل أنهم يقولون (ظرفت) و (علمت) فيلزمون الكسر ولا يذهبون به إلى حركة أخرى.

ومعنى قول أبي الحسن: أنهم: يقولون ظرف الرجل وعلم الرجل والثاني منهما ساكن.

فإذا كان الفعل للمتكلم احتاجوا إلى تحريك الثاني فيضمون في (ظرفت) ويكسرون في (علمت) فعرف بذلك أنهم ردوهما إلى أصلهما.

قال: " وأما ما كان " فعالا " فإنه في بناء أدنى العدد بمنزلة " فعال لأنه ليس بينهما شيء إلا الضم والكسر وذلك قولك: (غراب) و (أغربة) و (خراج) و (أخرجة) و (بغاث) و (أبغثة). "

والبغاث: خشاش الطير وفيه ثلاث لغات (بغاث) و (بغاث) و (بغاث) وعلى ذلك رووا:

بغاث الطّير أكثرها فراخا ... وأمّ الصّقر مقلات نزور (٢)

قال: " وإذا أردت بناء أكثر العدد كسّرته على " فعلان " كقولك: (غراب)، و (غربان) و (خراج) و (خرجان) و (غلام) و (غلمان) ولم يقولوا أغلمة.

استغنوا بقولهم: (ثلاثة غلمة) كما استغنوا ب (فتية) عن أن يقولوا (أفتاء). "

قال أبو سعيد: لأن (غلمة) و (فتية) (فعلة) وهي من بناء أقل العدد، وقد يردونه في التصغير إلى قياس الباب فيقولون: (أغيلمة) وقال بعض النحويين:


(١) انظر ديوان الشاعر: ٦٩، والبيتان من مشطور الرجز، والمخصص: ٩/ ٤، وشرح المفصل لابن يعيش: ٥/ ٤٤، واللسان: (سما).
(٢) البيت لعباس بن مرادس مذكور في اللسان (بغث) وهو من الوافر، وانظر آمالي ابن الشجري: ٢/ ٢٨٨، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي: ١١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>