للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ (١) وقال تعالى: فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (٢).

وللقائل أن يقول الخصم قد يقع على جماعة ألا تراه قال: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا وهو ضمير الخصم، فالحجة لسيبويه إذ الخطاب وقع لداود عليه السّلام من اثنين من لفظ الجماعة؛ لأنه قال: قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي فهو واحد لا أكثر، والذي خاصمه واحد لا أكثر؛ لأنه أخوه وقد عبر عنهما بقوله قالوا لا تخف، وقوله " إنّا معكم " والقول لموسى وهارون ولم يقل معكما وللقائل أن يقول إن فرعون داخل في الجماعة، ولسيبويه أن يقول إنه قال في موضع آخر: إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى (٣) فثنى ومع ذلك فإن الله تعالى مع موسى وهارون على جهة النصرة لهما والمعونة ولا يقال إنه مع فرعون على هذا الطريق.

قال سيبويه: واعلم أن من قال: (أقاويل) و (أباييت) و (أناييب) في أنياب لا يقولون (أقوالان) ولا (أبياتان).

قلت: فلم ذلك؟ قال: لأنك لا تريد لقولك: هذه (أنعام) وهذه (أبيات) وهذه (بيوت) ما تريد بقولك (هذا رجل) وأنت تريد (هذا) رجل واحد ولكنك تريد الجمع وإنما قلت: (أقاويل) فبنيت هذا البناء حين أردت أن تكثر وتبالغ في ذلك كما تقول (قطّعه) و (كسّره) حين تكثر عمله ولو قلت (قطعة) جاز. واكتفيت به وكذلك تقول (بيوت) فتجتزئ به وكذلك (الحلم) و (البسر) و (التّمر) إلا أنك تقول: (عقلان) و (بسران) و (تمران) أي ضربان مختلفان.

وقالوا: (إبلان) لأنه اسم لم يكسّر عليه وإنما يريدون قطيعين وذلك يعنون وقالوا: (لقاحين سوداوين) جعلوها بمنزلة ذا وإنما يسمع ذا الضرب ثم تأتي بالعلة والنظائر وذلك لأنهم يقولون (لقاح واحدة) كقولك: قطعة وهي في إبل أقوى لأنه لم يكسر عليه شيء.


(١) سورة ص، الآية: ٢١ و ٢٢.
(٢) سورة الشعراء، الآية: ١٥.
(٣) سورة طه، الآية: ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>