للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" وربما جاء ما كان فيه اضطراب على غير الفعلان، نحو: النزاء والقماص كما جاء عليه الصوت، نحو: الصراخ والنباح، لأن الصوت قد تكلف فيه من نفسه ما تكلف من نفسه في النزوان ونحوه. وقالوا: النزو والنقز، كما قالوا: السكت والفقر والعجز، لأن بناء الفعل واحد لا يتعدى، كما لا يتعدى هذا.

ومثل ذلك الغليان والغثيان؛ لأن النفس تضطرب وتثور، وكذلك الخطران واللمعان، لأنه اضطراب وتحرك، واللهبان والصخدان والوهجان، لأنه تحرك الحر وثورة، فهو بمنزلة الغليان. وقالوا: وجب قلبه وجيبا ورجف رجيفا، ورسم البعير رسيما "، وهو ضرب من السير.

" فجاء على فعيل، كما جاء على فعال " يعني النزاء والقماص.

" وكما جاء فعيل في الصوت مجيء فعال، كالهدير والضجيج والقليخ والصهيل والنهيق والشحيج، قالوا: قلخ البعير يقلخ قليخا وهو الهدير "

قال سيبويه: " وأكثر ما يكون الفعلان في هذا الضرب، ولا يجيء فعله يتعدى الفاعل إلا أن يشذ شيء منه، نحو: شنئته شنآنا ".

ولا نعلم فعلا يتعدى، مصدره فعلان غير شنئته شنآنا.

" وقالوا: الّلمع والخطف، كما قالوا: الهدر، فما جاء منه على فعل فهو الأصل، وقد جاءوا بالفعلان في أشياء تقاربت في اشتراكها في الاضطراب والحركة كالطوفان والدوران والجولان تشبيها بالغليان والغثيان، لأن الغليان تقلب ما في القدر وتصرفه.

وقد قالوا: الجول والغلي. وقالوا: الحيدان والميلان، فأدخلوا الفعلان في هذا كما أن ما ذكرنا من المصادر قد دخل بعضها على بعض وهذه الأشياء لا تضبط بقياس ولا بأمر أحكم من هذا، وهكذا مأخذ الخليل " يعني أن الحيدان والميلان شاذ خارج عن قياس فعلان، كما يخرج بعض المصادر عن بابه.

قال أبو سعيد: وقد يجوز عندي أن يكون على الباب؛ لأن الحيدان والميلان إنما هما أخذ في جهة ما عادلة عن جهة أخرى، فهما بمنزلة الروغان، وهو عدو في جهة الميل.

وقال بعضهم: لأن الحيدان والميلان ليس فيهما زعزعة شديدة، وما ذكر فيه زعزعة شديدة، فلذلك قال ما قال.

" وقالوا: وثب وثبا ووثوبا، كما قالوا: هدأ هدءا وهدوءا، ورقص رقصا كما قالوا:

طلب طلبا، ومثله خبّ يخبّ خبا، وقالوا: خبيبا، كما قالوا: الذميل والصهيل. وقد جاء

<<  <  ج: ص:  >  >>