للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنون " قصائد " وهي لا تنصرف. وقال أبو كبير:

ممّن حملن به وهنّ عواقد ... حبك النّطاق فعاش غير مهبّل (١)

فصرف " عوائد " وهي لا تنصرف.

وقال الكسائي والفراء: يجوز صرف كل ما لا ينصرف إلا " أفعل منك " نحو:

" زيد أفضل منك " فإنهما لا يجيزان صرفه في الشّعر، وزعما أن " من " هي التي منعت من صرفه.

وأبي أصحابنا البصريون ذلك، فأجازوا صرفه، وذكروا أن العلّة المانعة لصرف " أفضل منك " وزن الفعل، وأنه صفة، فيصير بمنزلة " أحمر " فكما جاز صرف " أحمر " في الضرورة، جاز صرفه، وليس " لمن " في منع صرفها تأثير؛ لأنهم قد قالوا: " زيد خير منك " و " شرّ منك " فينونون لمّا لم يكن على وزن أفعل، ولم يمنعوهما الصرف بدخول " من " عليهما.

ومما جاء من صرف ما لا ينصرف، على غير البناء الأول قول أمية بن أبي الصلت:

فأتاها أحيمر كأخي السّه ... م بعضب فقال كوني عقيرا (٢)

فصرف " أحيمر ".

وقد ينوّن أيضا ما بني من الأسماء، التي قد استعملت منونة في حال، إذا اضطر الشاعر إليه، كقولك: " يا زيد " في ضرورة الشّعر، قال الشاعر:

سلام الله يا مطر عليها ... ولي عليك يا مطر السّلام (٣)

وينشد بالنصب، فيمن نصب ردّ الكلمة إلى أصلها؛ لأن الأصل في النداء منصوب. ومن رفع ونوّن، زاد التنوين على لفظه، كما تفعله فيما لا ينصرف من المرفوع.

واعلم أن ما لحقه التنوين مما لا ينصرف في ضرورة الشّعر، لحقه الجرّ؛ لأنه يردّ الكلمة إلى أصلها، فتحرّكها بالحركة التي تنبغي لها، كقول النابغة:


(١) ديوان الهذليين ص ١٠٧٢، الخزانة ٣/ ٤٦٦، واللسان (هبل)، ابن يعيش ٦/ ٧٤.
(٢) البيت في ديوانه ص ٤٤.
(٣) البيت للأحوص الأنصاري في الخزانة ١/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>