للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سعيد: جملة هذا الكلام أن الأفعال المتعدية يكون على وزنها ما لا يتعدى، لأن ضرب يضرب يتعدى، وعلى وزنه جلس يجلس لا يتعدى، وقتل يقتل يتعدى، وعلى وزنه قعد يقعد وهو لا يتعدى، ولقم يلقم يتعدى، وعلى وزنه كمد يكمد لا يتعدى.

فهذه الأفعال الثلاثية، ثلاثة اشترك فيها ما يتعدى وما لا يتعدى، وقد انفرد ما لا يتعدى ببناء وهو فعل، ولا يكون مستقبله إلا يفعل، نحو كرم يكرم، وظرف يظرف، فقد صار فعل يفعل بناء رابعا ينفرد به ما لا يتعدى، والماضي من الثلاثي فعل وفعل وفعل، فاشترك المتعدي وغير المتعدي في فعل وفعل، وهو الذي قال سيبويه.

فالأولان يشترك فيهما المتعدي وغير المتعدي، والآخر لما لا يتعدى يعني فعل، ويقرب هذا كله عليك أن تحفظ أن ما كان ماضيه على فعل لا يتعدى البتة.

وذكر سيبويه بعد هذا الفصل إلى آخر الباب ما شذ عن قياسه في المستقبل والماضي، فمن ذلك أربعة أفعال من الصحيح جاءت على فعل يفعل، والقياس في فعل أن يكون مستقبله على يفعل، إلا أنهم شبهوا فعل يفعل بقولهم: فعل يفعل، وذلك قولهم:

حسب يحسب، ويئس ييئس، ويبس ييبس، ونعم ينعم.

قال: " وسمعنا من العرب من يقول:

وهل ينعمن من كان في العصر الخالي (١)

وأنشدوا:

وأعوجّ غصنك من لحو ومن قدم ... لا ينعم الغصن حتى ينعم الورق (٢)

وقال الفرزدق:

وكوم تنعم الأضياف عينا ... وتصبح في مباركها ثقالا (٣)

والفتح في هذه الأفعال جيد، وهو أقيس ".

يعني حسب يحسب، ويئس ييأس، يبس ييبس ونعم ينعم.

" وقد جاء في الكلام فعل يفعل (في حرفين)، وذلك: فضل يفضل، ومتّ تموت، وفضل يفضل، ومت تموت أقيس ".

قال أبو سعيد: قد ذكرت فيما مضى من غير سيبويه حضر يحضر بشاهده من


(١) قائله امرؤ القيس انظر الديوان ص: ٢٧.
(٢) انظر المخصص: ١٤/ ٥٤، المحكم: ٢/ ١٤٠.
(٣) ديوان الفرزدق: ٢/ ٦٩، اللسان (نعم).

<<  <  ج: ص:  >  >>