للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغير ماض، بسقوط الياء لدخول التنوين؛ لأنها تسكن والتنوين ساكن، فتحذف لالتقاء الساكنين.

وأما قول جرير؛ فإن أكثر رواة الشعر ينشدونه: " غير ما صبى "؟ والمعنى: يجارين الهوى بالحديث والمجالسة، دون التخطي إلى ما لا يجوز.

ومن ذلك قوله:

ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت بني لبون بني زياد (١)

والوجه فيه: " ألم يأتك " تسقط للجزم الياء؛ لأنها ساكنة في الرفع غير أن الشاعر إذا اضطر جاز له أن يقول: " يأتيك " في حال الجزم، إذا كان من قوله: يأتيك في حال الرفع فلحق هذه الضرورة جزم أسكنها، وكان علامة

الجزم حذف الضمة.

وفي الناس من يتأوله على غير هذا فيقول: نحن إذا قلنا: " يأتيك " في حال الرفع تقدّر ضمّة محذوفة، فإذا جزمناه قدرنا حذف تلك الضمة، وإن لم يظهر شيء من ذلك في اللفظ، كما تقول: " رأيت العصا " و " مررت بالعصا "، " وهذه العصا " فتكون في النيّة حركات مختلفة لا تظهر في اللفظ ويشدّ هذا قراءة ابن كثير: " إنّه من يتّقي ويصبر " في بعض الروايات عنه. وهذا قليل في الكلام جدّا.

وهذا النحو قول عبد يغوث بن وقّاص الحارثي:

وتضحك مني شيخة عبشميّة ... كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا (٢)

ويروى: " ترى " على خطاب المؤنث؛ فمن قال: " ترى " على الخطاب، فلا ضرورة فيه، ومن قال: " ترى " فهو على التقدير الثاني في البيت الذي قبله، وهو أنه جعل الجزم حذف الحركة المنويّة في الألف.

فإن قال قائل: فقد قرأ حمزة: لا تخف دركا ولا تخشى (٣) وليس في القرآن ضرورة.

قيل له: في ذلك وجهان سوى هذا، أحدهما: أنه جعل الأول نهيا، والثاني خبرا،


(١) البيت لقيس بن زهير العبسي في الخزانة ٣/ ٥٣٣، وابن يعيش ٨/ ٢٤، واللسان (أتى).
(٢) البيت في الخزانة ١/ ٣١٦، وابن يعيش ١٠/ ١٠٦، واللسان (شوس).
(٣) سورة طه: آية: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>