يريد أنهم شبهوا ما كان في ماضيه ألف وصل بما كان الماضي منه على فعل لاجتماعهما في كسر ألف الوصل أولا وكسرة عين فعل ثانيا، وكرهوا كسر الحرف الثاني من مستقبل " فعل "، لأن صيغته السكون، وكرهوا كسر الثالث لئلّا يلتبس " يفعل "" بيفعل "، فوجب كسر الأول، ثم حملوا مستقبل ما فيه ألف الوصل على مستقبل " فعل "، فكسروا أوله.
" وكل شيء من تفعّلت أو تفاعلت أو تفعللت يجري هذا المجرى، لأنه كان في الأصل مما ينبغي أن يكون أوله ألف موصولة، لأن معناه معنى الانفعال، وهو بمنزلة انفتح وانطلق، ولكنهم لم يستعملوه استخفافا "
قال أبو سعيد: إنه يجوز أن يقال في مستقبل تدحرج وتعالج وتمكّن: يتدحرج ويتعالج ويتمكّن، لأنه كان الأصل فيما زاد على أربعة من الأفعال الثلاثية أن تكون فيها ألف وصل، فحمل كسر هذه الأفعال على كسر ما في أوله ألف وصل، فتصير جملة ما يجوز كسر أول مستقبله ثلاثة عشر بناء، منها تسعة أبنية في أوائلها ألف الوصل، وثلاثة في أوائلها التاء الزائدة، وفعل الذي ذكرناه أولا.
قال:" والدليل على ذلك إنهم يفتحون الياءات في يفعل "
يريد أن الدليل على أن ما في أوله التاء الزائدة في الماضي كان حقه ألف الوصل أن مستقبله يفتح أوله، ولا يجري مجرى الرباعي، كقولك: يتعالج ويتكبر، فصار بمنزلة ما فيه ألف الوصل نحو ينطلق ويستغفر وما أشبه ذلك، فاعرفه إن شاء الله تعالى.
قال سيبويه:" ومثل ذلك قولهم: تقى الله رجل، ثم قالوا: يتقي الله، أجروه على الأصل وإن كانوا لم يستعملوا الألف، حذفوها والحرف الذي بعدها "
قال أبو سعيد: اعلم أن العرب تقول: تقى زيد يتقى، بفتح التاء في المستقبل، وكان الظاهر من هذا أن يقال: تقى يتقي، وإنما هو على الحذف، وأصله اتّقى يتّقي، حذفوا فاء الفعل وهو التاء الأولى من اتّقى وهي ساكنة فسقطت ألف الوصل من اتقى لأن بعدها متحركا، وفي المستقبل يتّقي، حذفوا منه التاء أيضا الأولى، فبقى يتقى، وإذا أمروا قالوا: " تق الله، وأصله اتّق الله، سقطت التاء التي هي مكان فاء الفعل وسقطت ألف الوصل. وأصل هذه التاء الساقطة واو، لأنها من وقيت، والتاء في قولهم: تقى الله رجل