للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا نسب اليوم ولا خلّة ... إتسع الخرق على الرّاقع (١)

فقطع ألف " اتّسع "، وليس هي مع اللام.

وإنما يكثر هذا في النّصف الأخير؛ لأنهم كثيرا يسكتون على النّصف الأول، فيصير كأنّه مبتدأ.

قال قيس بن الخطيم:

إذا جاوز الإثنين سرّ فإنّه ... بنشر وإفشاء الحديث قمين (٢)

فقطع الألف من " الاثنين " في حشو البيت قبل النصف الأخير.

فإن قال قائل: إذا جاز في الشعر قطع ألف الوصل، وهي زيادة، فلم لا يجوز مد المقصور عندكم، وقد قلتم إنّ الذي أبطل مدّ المقصور أنه زيادة، وليس للشاعر أن يزيد في الكلام ما ليس منه؟

فإنّ الجواب في ذلك: أنّ ألف الوصل قد يكون لها حال تثبت فيها وهي أن تكون مبتدأ بها، فإذا اضطرّ الشاعر، ردّها إلى حال قد كانت لها، كما يصرف ما لا ينصرف، فيردّه إلى أصله في الصرف، وليس كذلك مدّ المقصور؛ لأنه لا أصل له في ذلك. فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.

وقد تزيد العرب في الشعر ياء في الجمع، فيما ليس حكمه أن يجمع بالياء نحو قولهم: " مسجد " و " مساجيد " في الشعر و " درهم " و " دراهيم " و " صيرف " و " صياريف ".

قال الفرزدق:

تنفي يداها الحصا في كل هاجرة ... نفي الدّراهيم تنقاد الصّياريف (٣)

وإنما الوجه في الكلام: نفي الدراهم، والصيارف، وإنما زاد الياء هاهنا؛ لأن دخولها في الجمع في غير الضرورة على وجهين؛ أحدهما: أن يكون الاسم الواحد على خمسة أحرف، ورابعه حرف من حروف المدّ واللّين، فتقلبه ياء في الجمع، كقولهم: " صندوق " و " صناديق " و " قنديل " و " قناديل " و " كرباس " و " كرابيس ".

والوجه الثاني: أن يكون الاسم الواحد على خمسة أحرف أو أكثر، وليس رابعه


(١) البيت لأنس بن عباس بن مرداس السلمي في سيبويه ١/ ٣٤٩، وبلا نسبة في ابن يعيش ٢/ ١٠١.
(٢) البيت في ديوانه ١٠٥، واللسان (قمن).
(٣) البيت في ديوانه ص ٥٧٠، والخزانة ٢/ ٢٥٥، واللسان (هجر).

<<  <  ج: ص:  >  >>