من باب فعل يفعل ما لم يتحرك ما بعدها، وذلك قولك: اضرب اقتل اسمع اذهب؛ لأنهم جعلوا هذا في موضع
يسكن أوله فيما بنوّا من الكلام ويكون في انفعلت وافتعلت وافعللت، وهذه الثلاثة على زنة واحدة ومثال واحد، فالألف تلزمهنّ في فعل وفعلت والأمر؛ لأنهم جعلوه يسكن أوله هاهنا فيما بنوا من الكلام وذلك: انطلق واحتبس واحمررت وهذا النحو ويكون في استفعلت وافعنللت وافعاللت وافعوّلت وافعوّملت، هذه الخمسة على مثال واحد وحال الألف فيهن كحالها في افتعلت وقصتهنّ في ذلك كقصتهن في افتعلت وذلك نحو: استخرجت واقعنست واشهاببت واجلوّذت واعشوشبت، وكذلك ما جاء من بنات الأربعة على مثال استفعلت نحو احرنجمت واقشعررت " فحالهنّ حال استفعلت.
قال أبو سعيد: اعلم أن أصل ألف الوصل إنما تكون في الأفعال؛ لأنه يعرض فيها ما يوجب سكون أولها فيحتاج إلى ألف الوصل للتوصل إلى النطق بالساكن والذي يجب ذلك فيه من الأفعال ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف غير معتلّ ولا مدغم، نحو قولك:
ذهب يذهب، وقتل يقتل، وضرب يضرب، وقد كان يجب أن يحرك الأول في المستقبل كما حرك في الماضي، فيقال ذهب يذهب وقتل يقتل وضرب يضرب، فاجتمع أربع متحركات واستثقلوا توالي الحركات فلم يكن سبيل إلى تسكين الأول؛ لأنه لا يبتدأ بساكن ولا إلى تسكين الثالث الذي هو عين الفعل؛ لأنه بحركته يعرف اختلاف الأبنية ولا إلى تسكين الرابع؛ لأنه يقع عليه الإعراب، الرفع والنصب، فأسكنوا الثاني؛ لأنه لا يمنع من إسكانه مانع، فقال: يذهب ويقتل ويضرب، فإذا أرادوا الأمر حذفوا حرف الاستقبال، فبقي فاء الفعل ساكنة واحتاجوا لها إلى ألف الوصل ولو كان الفعل معتلا أو مدغما لم تدخله ألف الوصل لتحرّك فاء الفعل نحو قولنا:
قام يقوم وقم، وردّ يردّ وردّ. وأما انفعل فأدخلوا على الفعل الثلاثي نونا، وكرهوا تحريكها لئلا تجتمع أربع متحركات فأدخلوها ساكنة ثم أدخلوا لسكونها ألف الوصل وجعلوا قولهم: اطلق من انطلق بمنزلة فعل ثلاثيّ، وكذلك افتعل لمّا ادخلوا التاء سكّنوا الفاء التي قبلها؛ لأنهم لو تركوها على الحركة وقد حركوا التاء لاجتمع أربع متحركات، وكذلك احمرّ أصله احمرر لمّا زادوا إحدى الرائين متحركة احتاجوا إلى تسكين الحاء لينتظم البناء فيهنّ على مثال انفعل، وإنما يقال: احمرّ وأصله احمرر، كما يقال ردّ وأصله ردد، وإذا زاد على هذا المثال حرفا آخر نحو: استفعل وما ذكر معه سكنوا أيضا؛ لأنهم