للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسقطت الألف كما سقطت في قولك: رمى الرجل.

قال: " وقالوا: رميا فجاءوا بالياء وقالوا: غزوا فجاؤا بالواو لئلا يلتبس الاثنان بالواحد وقالوا: حبليان وذفريان، لأنهم لو حذفوا لالتبس بما ليس في آخره ألف التأنيث من الأسماء، وأنت إذا قلت هذه حبلى الرجل ومن حبلى الرجل علم أن في آخرها ألفا. فإن قلت قد تقول رأيت حبلى الرجل فيوافق اللفظ لفظ ما ليس في آخره ألف التأنيث، فان هذا لا يلزمه في كل موضع، وإن لو قلت حبلان لم تجد موضعا إلا والألف منه ساقطة ولفظ بالاسم حينئذ ولفظ ما ليست فيه الألف سواء ".

قال أبو سعيد: أعلم أن الساكن من حروف المد واللين وان حذفناه لاجتماع الساكنين فقد يرد مثله فلا يحذف لما يقع في حذفه من اللبس، وذلك ما كان في آخره ألف من الاسم والفعل إذا ثنيناه قلبنا الألف التي في الواحد ياء أو واوا، أدخلنا حرف التثنية وذلك قولك في رمى رميا، وفي قضى قضيا، وفي دعا دعوا، قال الله عز وجل:

(فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما) (١).

وتقول في دنا دنوا، وفي غزا غزوا، وتقول في تثنية الاسم في حبلى حبليان وفى ذفرى ذفريان، وفي فتى فتيان، وفي رحى رحيان، وما كان من ذوات الواو نحو عصا ومنا وقفا ورجا عصوان ومنوان وقفوان ورجوان، وإنما فعل ذلك لأنا لو أدخلنا على رمى ألف التثنية فحذفنا الألف التي في رمى لسكونها وسكون ألف التثنية لصار لفظ المثنى كلفظ الواحد، ولو حذفنا في الاسم لقلنا في حبلى حبلان، وفي ذفرى ذفران، ورحان وفتان في تثنية رحى وفتى، وعصان ومنان في تثنية عصا ومنا، ولو فعلنا ذلك ثم أضفنا سقطت النون للإضافة فصار لفظ الواحد كلفظ الاثنين، لأنك إذا قلت رحان في تثنية رحى وعصان في تثنية عصا، ثم أضفتها إلى زيد قلت رحى زيد

فصار كالواحد، وكذلك عصا زيد. فإن قال قائل فأنت قد تقول: رأيت حبلى الرجل فيوافق اللفظ لفظ ما في آخره ألف التأنيث لأنه في موضع النصب مفتوح، فكذلك التثنية، ففرق سيبويه بينهما فقال: " إن هذا لا يلزم في كل موضع " يريد أن الألف من حبلى قد لا يلقاها ساكن يسقطها فتثبت، كقولك: هذه حبلى زيد، رأيت حبلى زيد ومررت بحبلى زيد فتظهر ألف حبلى وأنت إذا أسقطت الألف لاجتماع الساكنين في التثنية فهي ساقطة على كل حال،


(١) سورة الأعراف، الآية ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>