للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داينت أروى والديون تقضى ... فمطلت بعضا وأدّت بعضا (١)

وكما لا تحذف ألف بعضا لا تحذف ألف تقضى ".

قال أبو سعيد: بنى سيبويه ما يحذف من الألفات والياءات والواوات الأصليات في القوافي على ما يحذف منهن في الكلام إذا لم يكن أصليا، فمن ذلك أن الألف التي هي يدل من التنوين إذا وقف عليها لا تحذف، تقول رأيت زيدا ورأيت فرسا لا يحسن حذفه، فإذا كان في قافية لم يحسن أيضا حذفه، فإذا كان معه ألف أصلية جرت مجراها في أن لا يحسن حذفه مثل الألف في يقضي لا تحذف كما لا تحذف الألف في بعضا، وأما المضموم والمكسور المنونان إذا وقفت عليهما لم تبدل منهما ياء ولا واوا، كقولك:

جاءني زيد ومررت بزيد فشبه الياء في يفري والواو في يحلو في حذفهما بحذف الواو والياء في الإبدال من التنوين في قولك:

جاءني زيد ومررت بزيدي فيمن يجريه مجرى الألف، وهي لغة رديئة. ولو كنا نحذف الألف في رأيت زيد إذا وقفت عليه لجاز حذف ألف يخشى، وينبغي على قياس من يقول: رأيت زيدا إذا وقف عليه أن يجيز حذف الألف في يخشي وذلك معنى قول سيبويه: " لو كانت تحذف في الكلام ولا تمد إلّا في القوافي لحذفت ألف يخشى ". وقد ذكر سيبويه أن الشاعر إذا اضطر جاز له أن يحذف الألف وأنشد:

وقبيل من لكيز شاهد ... رهط مرجوم ورهط ابن المعل

أراد المعلى. ومعنى قوله: " فإنما فعلوا ذلك بيقضي ويغزو، لأن بناءهما لا يخرج عن نظيره إلا في القوافي "، لأنه ليس في الكلام ما يبدل من تنوينه ياء ولا واو، إنما يكون في القوافي كقولك: من حبيب ومنزلي، وقولك:

طحابك قلب في الحسان طروبو (٢)

قال: " وزعم الخليل أن ياء يقضي واو يغزو إذا كانت واحدة منهما حرف الروي لم تحذف، لأنها ليست بوصل حينئذ وهي حرف روي كما أن القاف في قوله.

وقاتم الأعماق خاوي المخترق (٣)

حرف الواو، فكما لا تحذف هذه القاف لا تحذف واحدة منهما ".


(١) البيت لرؤبة بن العجاج انظر ديوانه ٧٩.
(٢) قائله علقمة بن عبدة انظر ديوانه ٣٣.
(٣) قائله رؤبة بن العجاج انظر ديوانه ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>