" وإذ وهي لما مضى من الدهر وهي ظرف بمنزلة مع " قال: " وأما ما هو في موضع الفعل فقولهم " مه وصه
وحل للناقة " وهو زجر لها " وسأ للحمار وما مثل ذلك في الكلام على نحوه في الأسماء إلا أنا تركنا ذكره، لأنه إنما هو أمر ونهي بمعنى هلم وإيه ".
قال أبو سعيد: إن ما كان على حرفين فما وضع موضع الفعل تركنا تكثير ذكره، لأنه إنما يأتي في الأصوات على جهة الزجر والأمر كقولهم: هج في الزجر.
قال الشاعر:
سفرت فقلت لها هج فتبرقعت ... فذكرت حين تبرقعت ضبارا
ويقال للجمل إخ إذا جذبته للبروك، وما أشبه ذلك من الأصوات ولا يختلف ذلك اختلاف الأسماء في المعاني.
وأما قوله: " أن ما جاء على حرفين: مما وضع مواضع الفعل أكثر مما جاء من الفعل التصرف " فإنما يريد بالفعل المتصرف الأحرف الثلاثة التي ذكرها وهي قل وخذ ومر، وليست بمطردة. وأما ما يدخله الإعلال فيصير على حرفين في الأمر فكثير نحو قولنا: قل وبع وخف وما أشبه ذلك، وليس بالذي أراده سيبويه.
قال: " واعلم أن بعض العرب يقول م الله فعلن، يريد ايم الله، فحذف حتى صيرها على حرف واحد حيث لم يكن متمكنا يتكلم به وحده، فجاء على حرف كما كثرت الأسماء في الحرفين حيث ضارعت ما قبلها من غير الأسماء ".
قال أبو سعيد: فهذا قول سيبويه، وغيره يقول إنها الميم من من، وقد قيل: من ربي لأفعلن، وقال بعضهم هي الميم من يمين، وهذا أولى به لأنها مكسورة، وميم ايم مضمومة.
قال: " وأما ما جاء على ثلاثة أحرف فهو أكثر الكلام في كل شيء من الأسماء والأفعال وغيرهما مزيدا فيه وغير مزيد فيه لأنه كان هو الأول، فمن ثم تمكن في الكلام ثم ما كان على أربعة أحرف بعده ثم بنات الخمسة وهي أقل، ولا تقول في الفعل البتة ولا يكسر بتمامه للجمع لأنها الغاية في الكثرة، فاستثقل ذلك فيها.
فالخمسة أقصى الغاية، فالكلام على ثلاثة أحرف وأربعة أحرف وخمسة زيادة فيها ولا نقصان، والخمسة أقل الثلاثة في الكلام ".