للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طويت منها، فهذا الذي ذكره من حروف البدل في عقد هذا الباب، وقد جاء من حروف البدل غيرها مما ذكره سيبويه وغيره، وسنقف عليه.

بدأ فذكر من حروف البدل الهمزة فقال: " الهمزة تبدل من الياء والواو إذا كانتا لامين وكان قبلهما ألف ".

أراد إذا وقعتا طرفا في موضع اللام من الفعل وقبلهما ألف كقولك قضاء وشقاء، والأصل قضاي وشقاي، وإنما وجب ذلك من قبل أن الياء والواو إذا كانت قبلهما فتحة قلبتا ألفين إذا كانتا في موضع حركة، كقولك دنا ودعا وقضى ورمى، والأصل دنو وقضي فتحركت الواو والياء وقبلهما فتحة فقلبتا ألفين، وكذلك قال وباع ودار وناب، الأصل فيه قول وبيع فلما تحركت الواو والياء وقبلهما فتحة قلبت ألفا، ولو سكنت لم تقلب، كقولك: بيع وقول، فلما وقعت الواو والياء طرفا في موضع تلزمهما فيه الحركة وقبلها وجب قلبها كما وجب قلبهما إذا كانت قبلهما فتحة، لأن الألف والفتحة من حيز واحد، فقلبتا للألف التي قبلهما ألفين، كما قلبتا ألفين مع الفتحة، ولما قلبتا ألفين اجتمعت ألفان وهما الألف التي في الكلمة، والألف المنقلبة من الياء والواو، واستحال اجتماع ألفين في المنطق فوجب إسقاط إحداهما لاجتماع الساكنين أو تجريد أحدهما ليتوصل بذلك إلى النطق بهما، فلو أسقطنا إحداهما صار بمنزلة المقصور في اللفظ والتبس المقصور بالممدود، ولا سبيل إلى تحريك الألف لأن الألف لا تتحرك، ولا تمكن الحركة فيها فقلبت إلى أقرب الحروف من الألف مما يمكن تحريكه وهو الهمزة.

وذكر بدل الهمزة من الواو المضمومة في أدؤر وأنؤر، والأصل أدور وأنور، لأنها جمع دار ونار، وليست فيهما همزة، وإنما تقلب الواو همزة إذا كانت مضمومة ضمة بناء لا ضمة إعراب ولا ضمة التقاء الساكنين.

وسواء كانت الواو المضمومة في أول كلمة أو في حشوها، كقولك في أول الكلمة في وجوه أوجه، قال الله تعالى: (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) (١)، وأصله وقتت لأنه من الوقت، وفي الحشو نحو همزة أدؤر منقلبة من الواو كما ذكرنا وإذا كانت الواو مضمومة للإعراب لم يجز فيها القلب، قولك: هذا غزوك ودلوك، ولا يجوز غزؤك ودلؤك، وكذلك (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ) (٢) و (لَتُبْلَوُنَّ) (٣) لا يجوز همز هذه الواو، لأنها ضمت لاجتماع الساكنين، وقد


(١) سورة المرسلات الآية: ١١.
(٢) سورة البقرة الآية: ١٦.
(٣) سورة آل عمران الآية: ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>