فأدغم الحرف الأول في الثاني لأنه من جنسه نحو احمر واسود والأصل فيه احمرر واسودد؛ فأدغمت كما أدغم ردّ والأصل ردد والدليل على ذلك أنهم قد قالوا ارعوي واحووي، والأصل في أرعوي أرعووا وأحووا مثل احمرر واسودد فقلبت الواو الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فلما قلبتها ألفا بطل الإدغام فيه وصح الإدغام في آخر احمرر لثبات الراء الأخيرة، ثم ذكر سيبويه بعد تسوية بناء استفعلت فافعاللت فقال وإن أردت أفعل منه ".
يعني ما لم يسم فاعله من أفعاللت قلبت الألف والضمة التي قبلها كما فعل في فوعل، وذلك قولك استهابيت واستهوب في هذا المكان فهو على مثال استفعل، إلا أنه قد يغيره الإسكان عن مثال استخرج كما يتغير استفعل عن المضاعف؛ نحو استعيدد إن أدركه السكون عن استخرج يعني أن استهوب في الوزن مثل استخرج غير أن الباء الأولى من استهوب بحذاء الراء من استخرج، غير أن الباء الأولى من استهوب استعدد مثل استخرج فأدغمت الدال الأولى في الثانية، وألقيت حركتها على العين؛ فتغير البناء في اللفظ والأصل ما ذكرناه.
قال سيبويه: " وأما هرقت وهرحت فأبدلوا مكان الهمزة الهاء، كما تحذف استثقالا لها، فلما جاء حرف أخف من الهمزة لم يحذف في شيء ولزم لزوم الألف في ضارب، وأجري مجرى ما ينبغي لألف أفعل أن تكون عليه في الأصل، وأما الذين قالوا اهرقت فإنما جعلوها عوضا من حذفهم العين، وإسكانهم إياها، كما جعلوا ياء أينق وألف
يمان عوضا، وجعلوا الهاء العوض لأن الهاء تزاد ونظير هذا قولهم استطاع يستطيع جعلوا العوض السين لأنه فعل، فلما كانت السين تزاد في الفعل زيدت في العوض لأنها من حروف الزوائد التي تزاد في الفعل، وجعلوا الهاء بمنزلتها تلحق الفعل في قولهم ارمه وعه ونحوهما ".
قال أبو سعيد رحمه الله أما هرقت وهرجت فالأصل فيهما إراق وأراج، والهاء بدل من الهمزة كما قالوا هياك في إياك، ومستقبله يهريق ويهريج، وكان الأصل يوريق ويوريح غير أنهم في الهمزة يحذفون على ما ذكرنا أن الأصل في يكرم يؤكرم، وإنما يحذفون الهمزة لئلا يجتمع همزتان في فعل المتكلم؛ فإن أبدل من الهمزة هاء لم يجتمع همزتان في فعل المتكلم فكذلك ثبتت الهاء التي هي بدل الهمزة، ولأثبتت الهمزة وفي هراق لغة أخرى وهي إهراق ومستقبله يهريق فمن قال هذا فإنما زاد ألفا على إراق كما زادا السين في