قال سيبويه:" ومما يقوى أنها زائدة أنها لم تجئ ولا في الفعل فتكون عندهم بمنزلة رحرح فترك صرف العرب لها وتركها أولا زائدة والحالة التي وصفت في الفعل يقوي إنها زائدة " يعني: أن الهمزة في أفكل وأيدع يقوي أنها زائدة أنا لم نر في كلام العرب فعلا في أوله همزة، وبعدها ثلاثة أحرف على قولهم رجل مالوق إذا كان به أولق وهو جنون وإنما صار مالوق أبين في الاستبدال لأن التي تجوز أن تكون ولق وقلبت الواو همزة لانضمامها مثل قوله " إذا الرسل أقتت " في معنى وقتت قال وكذلك الأرطى.
يعني أن الهمزة فيه أصلية لأنك تقول أديم ما روط وزنه مفعول والهمزة فاء الفعل والألف التي في آخره زائدة، ولو كانت الهمزة زائدة لوجب أن تكون الألف منقلبة من ياء أصلية أو واو فكان يلزم أن يقال في مفعول مرطي، أو مرطو كما يقال مرمي ومغزو، وعن أبي عمر الجرمي قد حكي أديم مرطي فمن قال ذلك جعل الهمزة زائدة والياء أصلية.
قال:" والأمر لأنه صفة فيه مثل ما قبله " يعني أن الهمزة في أمر غير زائدة لأنه صفة والصفة تجيء على فعل وفعلة، كقولك مررت بنحل يصح ورجل امعة، ولا يجيء على أفعل فلو جعلنا الهمزة زائدة صار على أفعل صفة، وليس ذلك في الكلام قال أمرؤ القيس:
ولست بذي رثية أمر ... إذا قيد مستكرها أصحبا (١)
قال سيبويه:" ومنبج الميم منزلة الألف " يعني: أنه يقضي على الميم بالزيادة إذا وجدت في أول اسم وبعدها ثلاثة أحرف أصلية بمنزلة الهمزة لكثرة دخولها ذلك كالميم في معقل ومحرن ومنجل، وما أشبه ذلك فمنبج لم يعرف له اشتقاق فحمل على نظائره نحوه مضرب ومسجد وما أشبه ذلك.
قال:" فأما المغري فالميم من نفس الحرف لأنك تقول مغر، ولو كانت زائدة لقلت غرا " يعني: أنهم لما قالوا مغر علم أن الميم أصلية لأنه لا يجوز أن تكون كلمة على ثلاثة أحرف، وأولها ميم زائدة ومغر على فعل ولو كانت الميم زائدة في مغري، ثم بنينا منه فعل لقلنا غرا، وكذلك الميم في مغر أصلية بقولهم تمعدد الرجل إذا ذهب مذهب
(١) الديوان ٤٨، مقاييس اللغة ١/ ١٣٨، أساس البلاغة ١/ ٣٤٨.