للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستبين فألقيت فتحة الياء والواو على ما قبلهما وقلبتهما ألفا، فأما علة إعلال افتعلن وانفعل فقد ذكرناها وأما إعلال أفعل واستفعل فلأنهما يجريان مجرى ما لم يلحقه زيادة، أما أفعل فلأنه يشبه مستقبل الثلاثي مثل أخاف وأهاب وما أشبه ذلك فلما وجب إعلال الثلاثي بما ذكرناه وجب أن يفعل هذا إذا كان مثله لا غير وأما استفعل فإنا متى طرحنا منه الألف والسين كان الباقي منه تفعل، وتفعل هو مستقبل الثلاثي وقد وجب إعلاله وسائر الأفعال لا يجب إعلاله وقد ذكرنا علة امتناع افعل وتفاعل من الإعلال وأما فعل فلا يعتل كقولك زين وعود وإنما لم يعتل لأنا لو أعللنا الواو المتحركة أو الياء فسكناها احتجنا إلى تحريك الساكنة وهذه الساكنة لا تحرك أبدا، لأنها عين من الفعل أيضا وإذا اجتمعت عينان من الفعل الأولى منهما لا تكون إلا ساكنة وأما تفعل وتفاعل فلا يعتلان كقولك تعود وتعاودنا، لأن هذه الفاء دخلت على فعل وفاعل وقد بينا امتناعهم من الإعلال.

أما قوله: " إذا كان الحرف الذي قبل الحرف المعتل ساكنا ولم تكن ألفا ولا واوا ولا ياء ".

يعني: في أفعل واستفعل كقولك أجاد لأن الأصل أجود واستعودوا بين ما قبل الواو والياء ساكن وليس بألف ولا واو فأعللته بإلقاء حركة الياء والواو على ما قبلهما وقلبهما ولو كان قبلهما ألف أو واو ما اعتلتا وذلك نحو قاول وساير وقوول وسوير وقد بينا العلة المانعة من إعلال هذا.

وقوله: " ولم يجعلوه يعتل من محول إليه كراهة أن يحول إلى ما ليس في كلامهم ".

يعني: أنهم إذا قالوا أقام وأجاد فهو أفعل وإذا قالوا استعاد واستراب فهو استفعل ولم يكن على بناء غير هذا فحوّل إليه كما كان قلت وبعت على فعلت، ثم حوّل إلى فعلت وفعلت وليس في الكلام بناء على هذا النحو إلى أفعل.

وقوله: " ولو كان يخرج إلى ما هو من كلامهم لاستغني بذا، لأن ما قبل المعتل قد تغير عن حاله في الأصل " يعني: لو كان في الكلام بناء يخرج إليه هذا البناء كما خرج قلت إلى فعلت الذي هو مثله في كلامهم لاستغنى بهذا عن البناء

الآخر، لأنه قد عمل به ما يعمل به لو حوّل من بناء إلى بناء آخر ألا ترى إن أجاد وأخاف قد غيروا الفعل منه وهو قلت وبعت ولا يعتل في فاعلت؛ لأنهم لو أسكنوا حذفوا الألف والواو والياء في فاعلت وصار الحرف على لفظ ما لا زيادة فيه من باب قلت وبعت وكرهوا الإجحاف بالحرف والالتباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>